ارحل، لعمريَ إني كنتُ واهمةً
ما عاد شيءٌ من الأشعارِ يشجيني
ولا الزمانُ الذي قد كان يؤنسنا
هو الزمانُ الذي ذا اليوم يطويني
فلا عهودُ الهوى والبينُ ثالثنا
تشفي الجراحَ التي جزَّتْ شراييني
مزَّقتُ ذكراكَ يا من كنتَ نافلتي
ويا كتاباً من الآياتِ يَهْدِيني
صارعتُ في لجَّة الآهاتِ بوصلتي
طــوراً توافقني، طــوراً تعاديني
حتى أضعتُ جهاتي.. أيُّها قدري
والفقدُ ينحتُ أشلائي ويكويني
كأنني في مهبِّ العمرِ شاردةٌ
على حشودٍ من الأحزانِ تذروني
أسمّرُ الليل في صنّاجةٍ أفـَلَتْ
وأنشبُ الوهمُ في ظلِّ العراجينِ
كم للفواغي التي ضاعت بمنضدتي
يا قلب ذكرى، بها غُصَّت عناويني!
ما بين هذي وتلك العين حائرةٌ
من أيها اليوم يا ذكرى.. تواتيني!
وفي الفؤادِ انتظارُ الجمعِ يعصرني
أعبِّئُ الوقتَ في صبري، ويشقيني
فأنتقي العذرَ تلو العذرِ آملةً
أن يشخب المرُّ أعسالاً تواسيني
باتت كؤوسيَ بالآلامِ طافحةً
وكنتُ يوماً أساقيها فترويني
قد كنتَ بين ضفاف العمرِ رابيةً
سحر الخمائلِ بالأشعارِ يغريني
فيا رياحين هاتيك الربى سلماً
حلَّ الوداعُ.. فرفقاً لا تجافيني
بيني وبينك في عُرف الرياضِ هوىً
لا يصبحُ الوردُ أشواكاً فتدميني
اليومَ تصفرُ ريحُ الهجرِ نائحةً
والبُومُ ينعقُ في أرجاء تكويني
حيرى.. أعبّـِدُ بالتسهيدِ صومعتي
يمضي بيَ الوقتُ لا يفنى.. فيفنيني
يلفُّ طيفك ساحاتي، يؤرِّقني
كي يسفكَ الحلم في دربِ الطواحينِ
ارحل، ودعني لشأني لستُ آبهةً
علِّي أرتِّبُ أجزائي.. ويكفيني