كلمة مهرجان الطفولة الثامن " مجاهيل لكن عظماء "
الحضور الكريم
أحييكم بتحية الإسلام ... إسلام الحضارة .. وحضارة السلام .. سلامة الفكر ... وسلالم القرب ... التسليم بالقدرة الإلهية .. و سلام النفس البشرية ... " و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا , و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " صدق الله العظيم ... هؤلاء المسلمون بالمعنى الحرفي للكلمة و مشتقاتها ...
الحضارة مفهوم عالمي عريق... متجدد بتجدد العصور و الأزمنة ... متماثلا معها في الطبيعة و منسجما مع مهارات أبنائها و ثقافاتهم .... ينبوع من العطاء الخالد المتدفق من أعماق القدرة و الفكر ... و منذ أن تفيأ آدم عليه السلام في ظل أرض الحياة الدنيوية , و الفكر البشري لا يفتأ عن الابتكار و التخطيط ... يستخدم المدلولات الفطرية و التلقائية في تفسير الظواهر الكونية ... و يتجول العقل في متاهات اللغز و الحل .. وعندما يصطدم بعوائق التفسير يستلهم الإجابة من الوحي المقدس الذي تنزّلَ من الخالق على المخلوق ... فأضاء أمامه دروب المعرفة , واطلع على السر و السريرة يقوده الإلهام إلى أبواب الفتح ... و يتصارع مع المعوقات في إثبات الذات و تبيان الحق و الحقيقة ... فيبني أبراجا على أسس قويمة ويتطلع إلى الدنيا من قممها المتصاعدة في سماء البناء الحضاري شامخة خالدة ... مهما تعاقبت عليها الدهور و الأيام ... هكذا نتوارث حضاراتنا البشرية و نتواصل معها فنعيد و نزيد... نغور في الأعماق و نستخلص الأصول... نستحدث و نكتشف ... ونستمر ما استمرت العقول في بحثها الدؤوب عن الإضافة و التمحيص .... سلسلة متواصلة منذ أبد الآبدين إلى يوم الدين ... و لكننا اليوم .. في هذا العالم الغريب .... عالم التفرد الهمجي و الغطرسة العمياء... تنقلب المفاهيم إلى متناقضاتها ... وتنعق الأبواق الأفاقة بأضاليل مغرضة ... فتصبح الحضارات بالمفهوم العولمي الجديد صراعات متناحرة ... و البقاء للأقوى هو الحل الجذري الأوحد للمحافظة على الجنس البشري الأفضل ... ذلك الجنس الذي يجب أن يرث الأرض و ما عليها ... ويصبح الإسلام العدو اللدود لبقاء هذا الجنس المميز ... و يتهم زورا بالتخلف و الإرهاب و انتقاص حقوق البشر والحيوان و الشجر.... وأن القضاء عليه إنما هو في حقيقته قضاء على الشر و الأشرار وتمهيد الأرض لسكناها من الأخيار ... تلكموا اللذين بنوا أبراج الحضارة التي تسير العالم الآن ....
في عصر كان العالم يغط في سبات التخلف و الظلام ... تشرق أنوار الإسلام لتمزق سدفة الليل الحالك .. وتضاء مشاعل العلم و الحضارة التي تتبدد أنوارها على مشارق الأرض و مغاربها ... و يبرز من أمة محمد " صلعم " أوتاد العلوم و المعرفة التي يرتفع عليها بنيان المدنية الحديثة ... علماء في الطب و العلوم و الهندسة ... الرياضيات و الفلك .. اللغة و الدين .. التصنيع و الطيران.. الجغرافيا و التاريخ و الموسيقى...وغير ذلك الكثير... لم يذروا سبيلا إلا وردوه , أبدعوا و أضافوا.. وابتكروا ما لم يكن موجودا ... سكن أنفسهم ذلك النور الإلهي فانفتحت بصيرتهم على أسرار القدرة ...والـْتـَمَعَ يقينهم بإشراقات التجلي و الوصل ... فأثروا الدنيا بما تفقت عنه عقولهم .. و ما سطرته أياديهم في سجل التاريخ و الحضارة ... تلك التي حملوا لواءها يضيئون به غياهب الظلام الدامس في الغرب... يعلمونهم دروب الارتقاء و مسالك الهداية ... و يغرسون جذور النهضة التي سقيت بإبداعاتهم و اختراعاتهم ...
اليوم .. و بعد قرون من نشر هذه الحضارة ... تعود إلينا مرتدية حلة غربية و قد اعوج لسانها ... و لم تعد الضاد لغتها... ولا الإسلام أباها ... اقتلعت من أصولها و ألبست قناع الزيف .. أضيفت لها مساحيق التجميل الغربية وتخرجت من كليات العالم أجمع إلا العالم الإسلامي ... الذي أصبح المستورد الأول لها , متناسيا أنها حقه الذي بدده على شعوب الدنيا و لم يستبق في جعبته أثر منه ... فأية مأساة تلك التي صنعتها أيدي الأحفاد لتبعثر بها عظمة تراث الأجداد ...! و اليوم يتشدق الجميع بعبارة " صنع في الغرب " و لا تذكر شهادة المنشأ أو حقوق الملكية الأصلية ... زمان سجل تاريخ انتهاء صلاحيتنا الفكرية و العملية والثقافية و القومية ... و ختم بالشمع الأحمر على هويتنا العربية و الإسلامية لتبقى حيث هي موصومة بالتخلف و الإرهاب ... ونحن لا نملك إلا التصديق و الرضا و الاستسلام ... فمن يجرؤ على الكلام ..! أو لسنا نحن من تآمر على ذاتنا و هويتنا و تاريخنا ..؟ ألم نربي أجيالنا هذه و ندربها كيف تنسلخ من قوميتها و تراثها ..؟ ألم نلبسها عدسات غربية لتقرأ الأشياء من اليسار إلى اليمين ..؟ ألم ندمن السكوت و الرضا ونحن نرى أشلاءنا تتمزق بين الأمم ..؟ ألم نتعمد إهمال تاريخ الأجداد و نتناسى أصول حضارتنا ...؟ جرائم اقترفتها أيدينا في حق أمتنا و عراقتها , و اليوم نجني الحصرم بحسرة لا تجدي و لا تفيد ... حتى دموع الندم تحجرت و لم تعد قادرة على الانحدار ... فحتى هذه مسلوبة الخيار ...
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
مجاهيل لكن عظماء
مجاهيل لكن عظماء
المنظر
طاولة المنظمة تجتمع عليها اللجنة التحكيمية التي ترشح الفائزين بجائزة ( بوبل ) العلمية .
لمسابقة تكريم الرواد الأوائل من العلماء
المتفرعة من " منظمة العلوم و المعلوماتية العالمية "
:صوت
المشاهدون و المستمعون ... العلماء و المفكرون ... وكما عودناكم كل عام في مثل هذا اليوم نلتقي سويا ... لنحتفل بهذا الحدث المتجدد ... في مسابقة تكريم الرواد الأوائل من العلمـاء التي تنظمها "منظمة العلوم و المعلوماتية العالمية " حيث تمنح جائزة بوبل العلمية لمن أضاف جديدا لإنجازات علمائنا الحضارية و العلمية و الأدبية ... مبدؤنا المصداقية والبحث عن أصول الحقيقة ... و الحياد في إنصاف الحقوق ... و يسرني أن أقدم لكم اعضاء اللجنة الأفاضل
1-السيدة ريكا رئيسة اللجنة
2-السيدة تقنية عضوة
3-السيد هوائي عضو
4-السيد نووي عضو
الحوار :
1 : نرحبُ بأعضاء ِهيئة ِالتحكيم .... في هذا اللقاء الحميم .... و نأمل أن يكون التكريم ... حسب رؤيتنا في التزكية و التقيييم ...
2 : دعي الأمر علينا ... فالنتيجة بأيدينا...
3 : و سيكون مبدؤنا الإنصاف في الأمر .... حسب ما يراه أولو الأمر ...
4 : ( باستهزاء ) و سنمنح النجمة الذهبية ... حسب الأعراف الدولية ..
Isac Neoton تبدأ الجلسات بدخول شخصين باللباس الغربي , أحدهم " اسحق نيوتن "
Wilkins و الآخر " ويلكنز "
نيوتن : أنا اسحق نيوتن ... و عقلي حتى بالذهب لا يوزن ... يضرب بي المثل في العبقرية .... وحياتي بالعلوم زاخرة ثرية ... أعرض لكم بالدليل و المنطق... نظريتي في " الزمن المطلق " و هاكم كتابي " برنسيبا ".... و أبوابه مبوبة تبويبا ...
رئيسة اللجنة : اشرح نظريتك بالتفصيل ..... و نحن بالطبع سنمنحك التزكية و التفضيل .....
أحد الأعضاء : وهل سبقك إليها أحد .... أم أنك المكتشف الأول و الأوحد ...؟
نيوتن : بالطبع نظريتي هذه جديدة ... تفتقت عنها عبقريتي الفريدة .... شرحت فيها كيف يدور الزمان... بدقة بالغة في الحساب و البرهان .... و أسميت وحدة الزمان ساعة ... فالليل و النهار أربع و عشرون ساعة .... و هكذا تستمر الأيام و الشهور .... دون انقضاءٍ لأمد الدهور ...
يثني عليه أعضاء اللجنة بكل إعجاب ....
أحد الأعضاء : هكذا تكون العبقرية في خدمة العلم و البشرية ...
أحد الأعضاء : و أنت من تكون ... أيها السيد المحترم ... وما إنجازك في تطوير الأفراد و الأمم ...
ويلكنز : أنا العالم الكبير صاحب التكنولوجيا ... وإن شئتم أيضا البيولوجيا و الجيولوجيا ... والسرقة لوجيا
رئيسة اللجنة : ( بإعجاب ) عظيم .. عظيم ... أنت إذا مؤسس الحضارة العصرية ... و صانعٌ الأمجاد للبشرية .... هات ما عندك من إبداع ... في العلم و الفن و الاختراع ....
ويلكنز : مكتشفٌ لفوائد البخار ... لمنافع الأعيان و التجار...
ينظر إليه الجميع باستغراب ..!
أحد الأعضاء : أوضح لنا المقال ... يا صاحب الأفضال ... و غرائب الأفعال ...
ويلكنز : اكتشفت بمهارتي الذاتية ... آلة عجيبة ذكية ... لتدوير سيخ الشواء بعَـنَـفَـةٍ بخارية ....
رئيسة اللجنة : أمممم ... شواء .. شواء ... أين الشواء ..؟ نريد أفعالا لا أقولا .... احضر آلتك هذه حالا حالا .... نرى بأم أعيننا ما تعنيه ... وتمتلئ بطوننا بما نحبه و نشتهيه ... عندها فقط سنمنحك الجائزة الكبيرة ... و النجمة الذهبية القديرة ....
ويلكنز : اليوم يا سيدتي أعرض المنهج والطريقة .... و غدا إن شئتم أقوم بتطبيقه .... فإن حصلت اليوم على الجائزة .... ففرحتي بالطبع ستكون غامرة... وو ليمتي في الغد شهية عامرة ....
أحد الأعضاء : هذه نضمنها لك .... إن ضمنت أمر الغد لنا... فأغدقت علينا و أكرمتنا ....
في هذه الأثناء يدخل العالم العربي " تقي الدين : الملقب بأبو التكنولوجيا ... و يرافقه عالم الحيل الميكانيكية " ابن الرزاز "
تقي الدين : ما هذا الهراء و التدليس الذي نسمعُ ...
ابن الرزاز : و من الذي يقيم التاريخ فيما يشرّعُ ....
تقي الدين : ذاك افتراء ظاهر في الجور و البهتان ...
ابن الرزاز : وبه اغتصاب ظالم .. لمآثر الإنسان ....
رئيسة اللجنة : قفا هنا ... من أنتما و من تكونان ...
ابن الرزاز : أنا ابن الرزاز أيتها الهيئة الدولية .... العالم الأول في الحيل الميكانيكية .... يشهد التاريخ بمنجزاتي ... ومؤلفاتي تثقل أرفف المكتبات ... أتيت قبل تسعة قرون من الزمان ... بما لم يكن أبدا في الحسبان ... و اليوم يأتي من ينسبها إليه بالتزوير ... و هكذا تؤيدون كل إفكه بالقول والتحرير...
أحد الأعضاء : (متهكما ) هه ... هات ما عندك بإيجاز ... حول عبقريتك في الاختراع و الإنجاز ...
يلتفت أعضاء اللجنة يتحاورون فيما بينهم كنوع من التآمر على العالم العربي ....
ابن الرزاز : ســقاني دجــلةٌ حــب التـفـــاني...
لأنــــهـل من ينابيـــــع العلــــوم ِ
وطفت الأرض من شرق لغرب
تتبعــت الكـواكـب والنجـــــــوم ِ
وطاب لي المقـــام بدار بكـــر
حياة العـلم و البحث الـقـويـــم ِ
أحد الأعضاء : ذاك أمـــر يعنيـــك لا يعـــنينا .. اختصر ..! شرحك هذا لا يشجينا
ابن الرزاز : رواني من كئوس العـــلم ديــن
وسرت على دروب العارفـينا
فأدركت الحساب بحدس وعي
على هــدي ِ الثقـــاة العالمــينا
وألهمني إلـه الكـــون رشـــــدا
فجئت بآلــة الزمـــن الثـمـينة
أحد الأعضاء : كيف أخبرنا
ابن الرزا ز : فكانت ساعة بالشمس تجري
بدقات تســــر الســامعــــينا
وفي ليــل يضئ دجاه بــــدر
و تشـرق أنجـمٌ للساهـــــرينا
جعلت لدَقـة الميقات نـــورا
يـنـبّهُ للقيــــام.. العـــابـــدينا
أحد الأعضاء : ها ... و ماذا بعد يا هذا
ابن الرزاز : نوافير الزلال تهيــم شــــدوا
بأشجان و ألحــــان عِــذابِ
أواني مجلس للشرب تُملى
بتلقــائيـــة العجب العُجــابِ
و آلات لرفــــع ميــــاه بئـــــر
من الأغوار من عـمق الصـعابِ
رئيسة اللجنة : و هل لك كتاب أو مرجع... يثبت ما رويته عن نفسك ويمتع ..؟
ابن الرزاز : كتابي " علم الهندسة الميكانيكية " ... الأوحد في عصره و زمانه ... و الأهم حتى اليوم في تبيانه ... أبوابه الهيدروليكا و الميكانيكا.... أصل علوم هذا الزمان ... و مرجع العلماء على امتداد العصر ... و اختلاف البيئة و المكان
يتناقش العلماء فيما بينهم يتدبرون حيلة لحجب الجائزة عن العالم العربي
رئيسة اللجنة : و من الشخص الذي بصحبتك ... هل هو عالم مثلك ... أم رفيق رحلتك ..؟
تقي الدين : أنا تقي الدين الملقب بأبي التكنولوجيا ... و من يجهلني فإما يكون قاصدا و حاقدا .... أو جاهلا و غافلا... فإسمي محفور في التاريخ بحروف من ذهب ... مقرون بعبارة سبحان من وهب.... أهم مؤلفاتي العلمية ... كتاب " الطرق السنية ... في الآلا ت الروحانية " ..
أحد الأعضاء : وكيف تقدم لنا اختراعاتك ... وعلومك و منجزاتك
تقي الدين : آلة الشواء البخارية ... التي سال لها لعاب اللجنة التحكيمية ... تقدم بها ويلكنز قبل قليل ... و نسبها لنفسة دون دليل ... وقد أتى بعدي بسبع و تسعين عاما ... فقوله باختراعه لها , منافيا للصدق تماما ... هي أولى مخترعاتي البخارية ... تليها الساعة الميكانيكية ... ثم المضخة الأسطوانية ...ألفت بعدها كتاب " ريحانة الروح في رسم الساعات على مستوى السطوح " ... قدمت فيها مجمل الشروح ... لديناميكية الآلات ... لجميع ما ابتكرته من المخترعات ... و العديد العديد من المؤلفات ... ما تزخر و تفخر بها رفوف المكتبات
أحد الأعضاء : اشرح لنا بعض ما تدعيه ... حتى نرى بأعيننا شيئا نعيه .
رئيسة اللجنة : أما على مائدة الشواء .... فالأمر حتما سيكون ثابتا دون ادعاء ... و الحكم حينها يكون لصالح المضيف ... دون شك في ذلك أو تحريف...!
تقي الدين : إذا نـُظـِرَ للأمر بمنظار البطون .... احتجبت الحقيقة عن العقول و العيون ... و أصبح الحق مفقود .. و الصدق دربه معرقلٌ مسدود ... لكن على كل حال ... سأوجز في هذا المقال ... بعض ما أفخر به من اختراع ... وعليكم الإصغاء و الاستماع
أحد الأعضاء : و ما عساه أن يكون ... يا صاحب العلوم و الفنون
تقي الدين : الطنبور
أحد الأعضاء : الطنبور ...! الصنبور ...! الصرصور ... ما هذا الذي تقول ...؟ أنت أمام لجنة دولية... شروطها واضحة جلية ... أحكامها نزيهة فعلية .... فاختر اللطيف من العبارة.... و المدرك المفهوم من الدليل و الإشارة
تقي الدين : الطنبور ... يا جاهل آلة لضخ مياه الأعماق القريبة و البعيدة .... دون أن تحركها يد بشرية ...أو تديرها حركة حيوانية .... طاقتها الهواء في الشتاء و بعض من الأيام ... و الماء طاقتها باقي فصول العام .... اسطواناتها الست المخروطية ... هي أساس تصنيع المضخة العصرية ... ولي العديد من المبتكرات العظيمة ... يضيق الوقت بسردها في جلسة يتيمة
يتناقش الأعضاء فيما بينهم لاستصدار الحكم الأخير
رئيسة اللجنة : ستعلن النتيجة بعد قليل .... و ستصدر الأحكام بالتفصيل و التعليل
نيوتن يحتج على قرار اللجنة بأخذ الوقت للتفكير و التحليل
نيوتن : فلتوقف المهزلة
ويلكنز : و تنتهي المسألة
نيوتن : فالأمر لا يحتاج لاختيار
ويلكنز : نحن فقط من يملك الخيار
نيوتن : نحن الذين طوروا الحضارة
ويلكنز : تقنية وقدرة جبارة
ابن الرزاز : لكننا من ابتكر العلوم
تقي الدين : و أسس الأصول في التعليم
نيوتن : ثم انقضى عهـدٌ بنيتموه .... وما استطاع حفظه بنوه
ويلكنز : والآن هذا عصرنا الزاهي ... وبفكرنا و علمنا نباهي
ابن الرزاز : شـَمُخـَتْ بنا معاقل الســلام ..... و عــلمنا قد بدد الظـــلام
تقي الدين : وانقادت الدنيا لنا في غبطة..... وتفاخرت بحضارة الإسلام
ابن الرزاز : علومنا قامت على البناء
تقي الدين : جعلتموها آلة هوجاء
ويلكنز : نحمي حمانا من عدو منتظـرْ
نيوتن : و أنتم اليوم على شفير ٍ مستعرْ
ويلكنز : اليوم يختنق السلام في الدروب .
ابن الرزاز : لأنكم من أشعل الحروب
تقي الدين : و تدّعـون حضارة ً رفيعة
ابن الرزاز : ما أنتمُ إلا رؤى ً مريعة
تقي الدين : فكم بعدتم عن حمى الإنسان .
ابن الرزاز : عن قلعة الأخلاق و الإيمان .
تقي الدين : مبدؤكم غطرسة الحراب
ابن الرزاز : والعيش وفق منطق ٍ للغاب
نيوتن : يا لجنة التحكيم و الترشيح .
يا لجنة التحكيم و الترشيح
كيف ارتضيت بجرأة التجريح
ويلكنز : هلا تيقنت الخطورة موقفا
في مبدأ الإعلان و التصريح ...؟
رئيسة اللجنة : يا قوم ... يا قوم ... يا قوم
ترفع الجلسة هذا اليوم
ينتهي المشهد
المشهد الثاني
خشبة المسرح :
أوراق مبعثرة و أغلفة لكتب علمية تنتثر على خشبة المسرح ترافقها موسيقى ضوضاء وصخب ينم عن أمر جلل حدث في الأرض العربية التي يدل عليها الديكور الخلفي .
تدخل مجموعة من الأشخاص بالزي العربي تدل هيئتهم على أنهم علماء من عصر مضى.
يخرج من بين الركام فتاتان تمثلان الأمتين العربية و الإسلامية يدور بينهما الحوار التالي
الأمة الإسلامية : تبا لكم .. طغاة هذا العصر من .... أحقادكم تلك البغيضة و الدفينة
ابن الرزاز : والويل من تلك الحروب ومن مهالكها اللعينة
تقي الدين : أهكذا يغدو المصير لأمة الضاد العظيمة
الأمة الإسلامية : و تمزق التاريخ يد الغاصب الجاني الأثيمة
ابن الرزاز : وتضيع أمجاد العروبة كالهباء
تقي الدين : و المسلمون و علمهم أضحوا سرابا في العراء
الأمة الإسلامية : فر الأمان من الأنام.
ابن الرزاز : سكن الخراب ديارنا .... والبوم ينعق في الركام
الأمة الإسلامية : فدم العروبة مستباحْ.
تقي الدين : و الأرض يملؤها النواحْ
ابن الرزاز : و تبعثرت أمجاد يعرب كالهشيم....... بوجه عاصفة الرياح
الأمة الإسلامية : سلبت علوم رجالنا من مهدها .
تقي الدين : و تنكر الباغون في ظلم العدا لعهودها
ابن الرزاز : نسبوا النبوغ لفكرهم.
تقي الدين : زورا يؤكد إفكهم
ابن الرزاز : نسبوا لدين الخالق - الإسلام سوء فعالهم .
الأمة الإسلامية : يا ويلهم من سوء ما نسبوا له يا ويلهم
يدخل ابن ماجد و البيروني ليجدوا بين الركام بقايا مؤلفاتهم و هم في دهشة من الأمر الذي حل بالأمتين العربية و الإسلامية و يدور بينهم الحوار التالي :
ابن ماجد يقرأ عنوان غلاف بين الركام
ابن ماجد : أنا أسد البحار ابن ماجد ... هكذا يكون مصير مؤلفاتي ... أغلفة لكتبي بدون محتواها.... " الأرجوزة المخمسة " " حاوية الاختصار " " الفرائد في أصل علم البحر و الفوائد " خرائطي في الجغرافيا البحرية و الفلكية ... مخطوطاتي في شرح صناعة وعمل البوصلة ... شروح لرحلاتي البحرية و مواقع النجوم ....و أكثر من ثلاثين كتابا في الملاحة البحرية الفلكية ... خرائط البلاد و الأراجيز الشعرية... أغلفة فقط .. موادها مفقودة أو مخفية .... و البوصلة العجيبة الأروع ... لمعرفة اتجاهات الأرض الأربع ... هل ترى يا صديقي البيروني ... ما آل له حال تراثنا القومي ..... يا حسرة على ضياع كنز العلوم... وحسرة على شباب جيل اليوم
البيروني : و هذا غلاف لكتابي " القانون في علم الهيئة و النجوم " و آخر " للقانون المسعودي" وهذا " للآثار الباقية من الأمم الخالية " ... و " نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن "... أجزاء ممزقة من رسائلي في قياس الزمن و التاريخ و الأرصاد .... المعادن و الجواهر و الحساب ... الأساطير والفلسفة و الاسطرلاب ... الصيدلة والعلاج بالأعشاب ... و أول خارطة للعالم ... وجغرافية المدن و الأماكن .... خرائط فلكية للسماوات ... و جداول الأوزان و المساحات ... العقائد و الأدب و الدين ... وقوانين علوم التنجيم ... رسائلي مئة و أحد عشر ... لم يبق منها هنا سوى القليل من الأثر
ابن ماجد : كتاب الإدريسي ... " الجامع لصفات أشتات النبات
البيروني : و " روض الأنس و نزهة النفس
ابن ماجد : و " نزهة المشتاق في اختراق الآفاق
البيروني : أفضل المراجع ... في تحديد صفات الأرض و المواقع
ابن ماجد : وصف الأمم و الشعوب
البيروني : و الأنهار و المسالك و الدروب.
ابن ماجد : و هذه الآثار والبقايا .... من كتب عالم الجيولوجيا و الجغرافيا .... زكريا بن محمد القزويني.... كتاب " آثار البلاد و أخبار العباد "
البيروني : أكمل فيه ما بدأتـُهُ ... و شرح بالتفصيل ما أوجزتـُهُ
ابن ماجد : و " عجائب المخلوقات و غرائب الموجودات
البيروني : ضمنه خرائط الأفلاك و الفضاء .... وباطن الأرض , و سطحها , و الماء
ابن ماجد : واثبت بالدليل الثاقب ... دوران الأرض و الشمس... و بقية الكواكب
البيروني : وفسر الظواهر الكونية ... كالبراكين و الزلازل الأرضية
ابن ماجد : و اعتمد على القرآن في تفسير ما جمعه ْ... كتعاقب الليل و النهار... و الفصول الأربعة
البيروني : و هذه رسائل بن يونس الفلكية من مرصده بالمقطم ... في " الظل " و " الميل " و " التعديل المحكم
ابن ماجد : ووضعه جداول الأوقات و الأزمان ... لرصد ظاهرتي الخسوف و الكسوف بالوقت و المكان
البيروني : و شرحه اختراع رقاص الساعة ... وهو ما يعتمد عليه حتى الساعة
ابن ماجد : وهذا غلاف لكتاب برهان الدين الزرنوجي " تعليم المتعلم طريق التعلم
البيروني : يكمل به كتابا لسابقه القابسي القيرواني " أحكام المعلمين و المتعلمين .
ابن ماجد : رحمهما الله بما خلفا من علوم في مناهج التربية و التعليم.
البيروني : و ما أسسا من معاهد ومدارس... تيسيرا لطالب العلوم الدارس
ابن ماجد : يا حسرة على تراث الأولين
البيروني : عبثت به أيدي الطغاة الغاصبين
المشهد الثالث
الأمة الإسلامية : تراثك يا ابن ماجد في العلوم
غدا للغرب علما في البحار ِ
البيروني : بأيدي البرتغال نمى إليهم
فكان دليلهم نحو الديـار
الأمة الإسلامية : وبحر علوم بيرونيِّ أضحى
لفـُلْكِهُمُ الموانئَ و الصواري
ابن ماجد : وكم جار المؤرخ في كتاب
بحجب الشمس في وضح النهار
البيروني : فما نسبوا العلوم لأهل حق
و لا نَصَفَ الحقوقَ ذوو قرار ِ
الأمة الإسلامية : و جسر قد بنته يد المغول
بمخطوطات علم و ابتكار ِ .
ابن ماجد : وقد مُزجَ الفرات بلون حبر ٍ
و دجلة من دم العلماء جاري
البيروني : صروح العلم بالإسلام شِيدت
تضم بُـناتها دار القــرار ِ
الأمة الإسلامية : ألا يامن ورثت قلاع مجد
أتهجرها بيأس و انكسار ِ
ابن ماجد : وتبهرك الحضارة من غريب
و أنت لأصلها جذر الفخار ِ
وتصبح بعد أن ضيعت مجدا
كسير الطرف مسلوب الخيار
الأمة الإسلامية : ألا تربت يد الساهين لمـا
رضوا بحياة ذل و احتضار ِ
لحن الختام
رياض العلماء
اشرقْ يا فجـرَ الأمْجـادِ لتـبُاركَ جيلَ الأحـفادِ
صافح بالعزم يدا بُسطت لتواصلَ دربَ الـروادِ
بذُرى شمّـاءِ لنا وطـنٌ من سؤددِ علمِ الأجـدادِ
طبٌ.. تاريخٌ.. فلســفةٌ أقلامُ لفكـرِ الإرشـادِ
دينُ الإسلامِ لنـا شرفٌ وسلامُ لُـبابٍ وفـؤادِ
صـونٌ لكـرامةِ أمـّتِنا من غدرِ مُغيرٍ أو عادي
عُرْبٌ و الضَادُ حضارتنُا نورُ الدُّرّيِّ الـوقــَّادِ
قد شَمَلـَتْ كوناً ممـتدا ما بين رياض ٍ وبوادي
اشرقْ يا فجـرَ الأمجادِ لتباركَ جيلَ الأحفــادِ
صافح بالعزم يدا بُسطت لتواصل درب الـروادِ
النهاية