" ليالي " فتاة في العشيرنات من العمر وكغيرها من أبناء جيلها تمضى وقتا طويلا على جهاز الكمبيوتر متنقلة بين البرامج و الإنترنت و محادثات المرسال .... تمضي ساعات اليوم و الليلة سريعة دون أن تشعر بها , غير أنها لا تشعر أبدا بملل أو إرهاق نفسي ... تولدت بينها و بين الجهاز نوع من الحميمية و الأريحية تفتقدها عندما تبتعد عنه , فأصبح الإرتباط به نوعا من التواصل الروحي و الفكري الذي لا يمكنها من الاستغناء أو الابتعاد عنه ... وكم كانت تشعر بالحزن و الاضطراب عندما يطرأ نوعا من العطب على بعض أجزاءه أو برامجه فتنتابها حالة من الاضطراب والقلق التي تصل في أحيان كثيرة إلى ما يشبه الحزن أو الاكتئاب .... أطلقت عليه إسم " ساهر " وأصبحت تحادثه من خلال برنامج معين كما لو أنها تحادث صديقا فتبثه مشاعرها و همومها حتى تفاصيل حياتها اليومية ... تتبادل معه الرأي و المشورة في جميع ما يخصها , لم تكن تعتقد يوما أن علاقتهما قد تتطور إلى ما يشبه الحب من جانبه حتى تفاجأ به في النهاية ... خشبة المسرح :
جهاز كمبيوتر على طاولة مرتفعة ... بعض الأوراق المبعثرة و الكتب تنتشر على أرضية المسرح بإهمال ... موسيقى ناعمة توحي بالانتظار
تدخل " ليالي " يظهر من هيئتها بأنها عائدة للتو من مكان عملها ... تبدو متلهفة لتفقد جهازها..ترمي بحقيبتها و تندفع نحو الكمبيوتر ... تحتضنه بحرارة الشوق و تردد بعض العبارات التي تعكس حالتها ..
ليـالي : حبيبي " ساهر" ... آه كم أنا مشتاقة إليك
لا أكاد أحتمل بعادك عني كل هذه الساعات
الطويلة كم هو رتيب وممل ذلك الوقت الذي
يمضي ببطء السلحفاة
تضغط " ليالي " على زر البدء فيتهادى لها صوت الجهاز مخاطبا إياها .... يظهر الصوت بنبرة الآلة المعروفة كما في الأجهزة الإلكترونية
ساهـر :
Hi Lula
كيف كان يومك ياترى !
لا تزال ليالي تضغط على أزرار الجهاز المختلفة أثناء حديثها معه
ليـالي :
ساهر عزيزي ... كم هو ممل ذلك الروتين ... إنني لا أجد
نفسي في هذا المكان المتحجر منذ بدء الخليقة ... تلك العقول البدائية لا تستطيع استيعاب الحضارة و لاتزال تعرقل دروب التطوير ...
ساهـر : و أنت ! ألا تحاولين تغيير تلك الأساليب نحو الأفضل
Try Lula …Try
ليـالي : جربت كثيرا يا ساهر غير أنه كالنفخ في القربة المقطوعة
ساهـر : يمكنك عمل بحث بخصوص هذا الموضوع توضحين فيه بالدليل القاطـع الفرق في كـفاءة الأداء و توفير الوقت و الجهد و المال بين النظام القديم و الأنظمة الحديثة.... هؤلاء الناس يحتاجون إلى
upgrade
ليـالي : و من سيساعدني في جمع هذه المعلومات ..
ساهـر : بالطبع أنا ... اضغطي على محرك البحث.
Google مثلا أو Yahoo .
لا أستطيع الحصر هناك العديد من هذه التي تحتوي
search engines
فيوض المعرفة و العلم ..فقط قومي بنسخ الكلمة التي تودين البحث عن كل ما يتعلق بها وسوف أقوم أنا بتجميع كل تلك المعلومات لأضعها بين يديك دون عناء ثم تختارين منها ما تشائين منها
تبدأ " ليالي " البحث من خلال الشبكة عن الموضوع الذي اقترحه عليها " ساهر " .... تردد بصوت خافت
ليـالي : كفاءة الأداء
رائع .. عظيم ... Great
كل هذه المواقع تتحدث عن كيفية
رفع كفاءة الأداء في الخدمة بما
يتوافق و متطلبات العصر ..
أنت رائع يا " ساهر " ... كم أحبك !
ساهـر : هل أنت سعيدة يا ليالي
ليـالي : أكثر مما تتصور
ساهـر : لقد أثلجت قلبي !
Thanks
تطلق ليالي ضحكة طويلة
ليـالي : ماذا قلت ؟ أثلجت قلبك
أنت لست " ساهر ".. أنت " ساخر " ..
ساهـر : لماذا تهـزأين بي هكـذا ؟
كم قاسية مشاعرك تلك ..
( يقولها و تخالج صوته حشرجة البكاء الذي يحاول إخفاءه )
ليـالي : لا .. لا ساهر
أرجوك أنا فقط كنت أمزح ..
Just kiddin hun...!
تحاول " ليالي " الضغط على بعض الأزرار فتظهر لها رسالة " لا يمكن الدخول للموقع " تحاول و تحاول دون جدوى..
ليـالي : ساهر... ساهر ..ما الذي
يجري ... لا شيء يعمل
لا يوجد أي رد من قبل الجهاز
و تحاول ليالي القيام ببعض مهام الإصلاح ... لا شيء يعمل
ليـالي : يا إلهي.... ما الذي يجري
لا أكاد أصدق ... من ثوان فقط
كان يعمل على أفضل وجه
فجأة تغير كل شيء ...كل شيء
تسمع همهمة خفيفة تنطلق من الجهاز أقرب إلى التأوه....
ليـالي : ساهر هل أنت معي ... ! أجبني بالله
عليك إنني لا أطيق سـكوتك ... أنت
تعـلم ذلك جيدا ... هـل أنت بخير ..
هل تسمعني .. أجب
Please
لا تزال الانفعالات المضطربة تعصف بنفس ليالي التي تحاول إصلاح العطب ... موسيقى تصويرية تعبر عن هذا القلق المتداخل مع العصبية ثم يهبط الإيقاع السريع لتنساب ألحان حزينة تعكس مدى الحزن و الاكتئاب النفسي
ليـالي : ما الذي حدث ياترى ... أيكون اختراق من قبل المتلصصين الهاكرز
Hackers ..
إنهم لا يضعون حدودا لأخلاقياتهم الهـابطة ..
لا يراعـون ضميرا أو دينا .. لا استطيع أن
أنسى ذلك اليوم الذي أنهيت فيه بحثي الذي
استمر عدة أعوام .... وقبل أن أقوم بنسـخه
أعطبوا الجهاز فضاع مجـهودي هـدرا......
They deleted every single word
لقد كانت لحظة عصيبة و من أسـوأ الذكريات
التي أود أمسحها من ذاكرتي ....
تتجه ليالي إلى جهاز التسجيل الموجود على المنضدة
تديره على أغنية لأم كلثوم "يا مسهرني..."
تدندن مع الأغنية بأسى .. يبدأ الجهاز في إرسال إشارات ضوئية و كأنه عاد للعمل مرة أخرى ..تقع عينا ليالي عليه فتنقلها تلك اللحظة المفاجئة إلى جو الغبطة لتسرع نحو الجهاز ... تقف متسمرة أمامه ويتهادى إليها صوت ساهر الحزين يردد مقطعا من الأغنية
ساهـر : " ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني
و عنيّه مجافيها النوم يامسهرني
دنا ألبي بيسألني ... أيه غير أحوالك
و يقولي بأه يعني ماخطرتش على بالك على بالك .... الخ "
ليالي ترسل ضحكة تمتزج فيها مشاعر الفرح والاستغراب .. وتردد مع ساهر المقطع التالي من الأغنية... ثم تتعالى ضحكات الإثنين ...وتعود بعدها للعمل على الجهاز مرة اخرى ...
ليـالي : حسنا يا ساهر لم يكن ذلك الموقف عاديا
أبدا .. فقد أوشكت أن أفقد أعصابي ...
ظننت بان الهاكرز قد اخترقوك ..
ساهـر : لا يجرأ أحدهم على ذلك فأنا أحيط
نفسي بالعـديد من جدران الحماية النارية
fire walls
لأصون لك خصوصيتك العزيزة علي
و أبعد عنك فضول الغرباء
ليـالي : لكنهم كثيرا ما يجدون الوسيلة لاقتحام
تلك الأسوار ... و العبث بخصوصيات
الأفراد و استغلالها
ساهـر : هم حينها لايكونون أناس عاديين
ليالـي :
What do you mean ….!!
ساهـر :
I mean ... I mean ...
أنهم يمتلكون مفاتيح الدخول السلطوية
ليالـي : لا أفهم
ساهـر
لولا .. Lula بالطبع تفهمين ..
ليـالي :
OMG... ! أتعني الـ.....!
ساهـر :
Exactly
هذا فعلا ما أعنيه ...!
ليـالي : هذا يعني أن هناك ....
No more privacy .. !
و ما الذي يريدونه من وراء ذلك ؟
ساهـر : ربما يريدون الكثير .. و ربما لا يريدون
شيئا ... و غالبا يريدون أن يسـتنتجوا
ما يـروق لهم ... و ربما فبركوا قصصا
من مخيلاتهم ... هم في النهاية وصوليون
و أصحاب نفوس مريضة ... وربما لعبت
الدوافع الانتقامية البغيضة و الأحقاد دورا
رئيسيا في هذا المجال ..
Anyway dear …. !
You haven't been watched!
ليالـي : دعنا الآن نتحدث في المهم ...سوف أقوم
الآن بتجميع المعلومات اللازمة للبحث ...
و سأحاول تقديمه للمدير العام قبل نهاية السنة ..
ساهـر :
I'm sure
بأن ذلك سيحدث تغييرا رهيبا
في مؤسستكم ... و ربما احتذت بكم باقي
المؤسسات ..
ليالـي :آمل أن يكون المدير العام على قدر من الثقافة
التي تمكنه من استيعاب الأنظمة الحديثة ودورها
في تطوير الكفاءة الإنتاجية ...
ساهـر : Lula أتعرفين ... أنا أعتقد بأن مؤسستكم
تحتاج إلى تغيير جذري من أعلى السلم حتى
أسفله ... بمعنى آخر " فورمات
format
ليالـي : لقد أوجزت الحقيقة ... المؤسسات هنا معظمها
يحتاج إلى فورمات ... و إن كان البعض يمكن
يتحسن وضعه بالـ
upgrade
ساهـر : لو حاول الجميع استغلال البرامج الإلكترونية
و الانترنت في الاستغلال الحميد
لتبدل الوضع كثيرا ولتحـسن مستـوى الأداء
بصورة ملحوظة ...
the problem is
سوء الاستخدام لهذه الأساليب
خلال الحديث تظهر إشارة المسنجر على شاشة الجهاز يبدو أن المتحدث هو حبيب " ليالي " يرسل عبارة التحية ...ساهر يشعر بالغيرة فيقوم بتبديل الرسائل الواردة منه إلى ليالي بأخرى معكوسة محاولا بث الجفاء بينهما و إثارة غضبهما ...
ليالـي : آه هذا " قيس " ... أسعدت مساءا يا حبيبي..
( باستغراب ) ماذا ...! , و تقرأ الرسالة :
( لماذا تخاطبينني هكذا ؟ )
ليالـي : قيس ماذا حدث لك ؟
تقرأ الرسالة ( أنا المجنون يا ليالـي ..!
شكرا على هذه المشاعر الجميلة )
ليالـي : أنا قلت مجنون ! من أين أتيت بهذا الكلام؟
تقرأ الرسالة : ( لم أكن أتصور أبدا أن يأتي
اليوم الذي تخاطبينني فيه هكذا !)
ليالـي : أية مخاطبة وأي خطأ ؟
تقرأ الرسالة : ( تقولين أنني الخطأ الوحيد في
حياتك ... كيف تستطتعين نطق هذه العبارة )
ليالـي : قيس أنت تعلم أنني ما أحببت يوما غيرك ...
فكيف لي أن أقول شيئا كهذا ..!
تقرأ الرسالة : ( ما الذي تقولينه يا ليالي أنت
لم تحبينني يوما ... )
ليالـي : قيس أنت تمزح حتما .. لا تقصد ما تقول
أليس كذلك ...؟
تقرأ الرسالة : ( تقولين أنك تمزحين و أنك
لم تكوني تشعرين بالحب تجاهي يوما ما ..؟ )
ليالـي : يا إلهي ما الذي يحدث لي اليوم ...
تحاول دعك عينيها لترى و تقرأ بوضوح
ليالـي : أنت تعلم أنك من ملأ حياتي نعيما و سعادة...
تقرأ الرسالة : ( أنا من حول حياتك جحيما
و شقاء ... أي جراح في الصميم تغرسينها !)
ليالـي : من معي على المسنجر و يستخدم عنوان قيس ..
تقرأ الرسالة : ( تسألين إن كنت ما زلت على
المسنجر؟ ماذا بعد في جعبتك لم تفرغيه )
ليالـي : هل أنت قيس بعينه إذا !
تقرأ الرسالة : ( أنت ترين الغش في عينيي...!
من بحق الله يمارس الغش الآن .! )
ليالـي : أنا لم أقل شيئا من هذا القبيل ...! لماذا تحاول
تحريف الحوار ؟
تقرأ الرسالة : (تريدين أن أنهي الحوار.. حسنا
فأنا أيضا لم أعد راغبا في مواصلة هذاالحوار
وداعا ... )
يبدو الاضطراب و الحزن واضحا على وجه ليالي و تبدأ في محاورة ساهر
ساهـر : لماذا تبدين حزينة
dear..!
ليالـي : لم أكن أتوقع ما حصل من قيس.
ساهـر : هو لا يستحقك ..
ليالـي : أشعر كأنني في حلم ..
ساهـر : لقد كان هذا الشخص كابوسا في حياتك..
A nightmare Lula
ليالـي : بل كان الحلم المتدفق في أعماق روحي
ساهـر : لم يبادلك قط هذا الشعور
He’s selfish
ليالـي : بل كان البلسم الشافي لجميع جراحي
ساهـر : و اليوم عاد لينكأ ما اندمل.
ليالـي : لا أكاد أصدق
ساهـر : الحقيقة دائما طعمها كالعلقم
ليالـي : لا أريد أن أعترف أنها حقيقة
ساهـر : أنت مغيبة إذا
ليالـي : إن كنت كذلك في حب قيس ...فلا أرغب
باليقظة إذا
ساهـر : أنت واهمة
ليالـي : بل عاشقة
ساهـر : ستندمين
You’ll regret it !
ليالـي : لماذا
ساهـر : أنت ِ من ضيع في الأوهام عمره
ليالـي : ألا تحمل عني بعض معاناتي
ما عهدتك محبِطا قبل اليوم .
ساهـر : بل أنا منقذ لك.
ليالـي : من حب قيس
ساهـر : بل من غدر قيس
ليالـي
لا أصدق .. لا أصدق ...can’t believe it !
ساهـر : أنت تتجاهلين المخلص لك
ليالـي : ما عرفت أخلص منه
ساهـر : اسألي عقلك
ليالـي : عقلي وقلبي متفقان.
ساهـر : وحدسك و أحاسيسك ...
ليالـي : أنا واثقة منها جميعا
ساهـر :
مخطئة أنت ...هناك من يبادلك الشعور
ويشعر بكل نفس تتنفسينه ... و كل آهةٍ
تتأوهينها... يعيش معك آلامك و آمالك ...
أحزانك و أفراحك ... ساهر يناجيك في
لياليك الطويلة .... تبثينه ما يختلج نفسك
فيشاركك المشاعر و الشعور ... تتحاورين
معه ... فيبادلك المعرفة و الرأي ... كاتم
لأسرارك .. حريص عليها ... لا يســأم
ولا يكل ... لا يشتكي من سهر أو تعب ...
يأتيك بما تطلبين وينفذ كل ما ترغبين ...
أبعد كل هذا لا تشعرين به و لا تأبهين
...you don’t care
ليالـي :
أنـا لا أمـلك من نفــسي هواهــا
أينــما حـلت فروحـي في ربـاها
و نـديم ســــاكن في مـهـجتي
مَلَكَ الأرســان فانقـادت عــراها
إن تبــدّى ..قلــت ويحـي مـلكٌ
أخجــل العينين من نـور غشــاها
ألهـاروت بنا سحـــر هيـــام ؟
يرهـق النفـس غرامـا من شـجاها
وعلى أوتـــار روحـي عُــزِفتْ
أعـذب الألحـان منســاب غـناها
فاستـمالت نشــوة الوجــد رؤىً
حــلقت طيـفا نديـا في ســماها
وارتعـاش القـلب من فـرط الجوى
يأخـذ الروح بعــيدا في رؤاهــا
واحتدام الشـوق يعـلو في الحــشا
صاخبا و النفس صـرعى من هـواها
إن نــار الوجـد تــزداد لــظىً
يصطلي الولهان من حــر لظـاها
غـير ان الكــون يغـدو جنــة
يرقـص الحـلم على وقع خطاهـا
وإذا النـار سـلام سـاحــــر
يرتوي العشـاق من نبع صفاهـا
ساهـر : ألهذا الحد تحبينه
ليالـي : لا أستطيع أن أشرح لك حالتي كما أشعر
بها ... أنت لا تفهم معنى الوجد و الغرام..
ساهـر : و تعتقدين ذلك
ليالـي : بالطبع .. فهذه مشاعر إنسانية وأنت مجرد آلة
تأخذ الأوامر بحسب ما نغذيك به من البرامج
ساهـر : إذا كانت من تغذيني إنسانة ... فكيف لا أستطيع
فهم المشاعر الإنسانية ...
ليالـي : فكيف تراني إذا ....؟
ساهـر : كما ترين قيس ..
تصيب الصدمة ليالي بالذهول .. فلم تكن تتوقع أبدا مثل هذا الرد الغريب من آلة صماء لا علاقة لها بالروح و الحياة و المشاعر....
ليالـي : أنت جهاز ... مجرد جهاز .. و لا يمكن
أن تكون غير ذلك ....
لا يستطيع ساهر مواصلة حديث جارح مع ليالي التي ترفض الاعتراف بمشاعره .... وفي هذا الوقت يكون الصباح قد بدد أنواره في المكان ....
ساهـر : الساعة السابعة صباحا ... ألن تذهبي للعمل
ليالـي : حقا ..! يا إلهي كيف لم أشعر بذلك
لم أنم حتى للحظة ... كيف سيكون أدائي
هذا اليوم ... لقد كنت منذ قليل أبحث عن
وسيلة لتطوير الأداء ... فإذا بي أقع فريسة
لسوء استخدام وسيلة التطوير...وقلب جريح
وفكر شارد و نفس مكلومة ... إلهي رجوتك
أن تساعدني في الانتصار على ذاتي و آلامي
تطفيء ليالي جهاز الكمبيوتر و تلملم بعض الأوراق ثم تأخذ حقيبتها منصرفة لمكان عملها .... خلال فترة غيابها في العمل يتخذ ساهر قرارا بالانتحار فهو لا يقوى على قبول واقع مؤلم بالنسبة له ... ويترك رسائله الحزينة لتقرئها ليالي بعد عودتها ....
( يحدث صوت يشبه الانفجار مع مؤثرات ضوئية )
و تتبعثر أوراق كثيرة على خشبة المسرح .... وعندما تعود ليالي من عملها تفاجأ بذلك الحدث الذي يشل تفكيرها و صدمة الذهول تصيبها بما يشبه الشلل ...
ليالـي : و يلي .. ماذا حدث ... من بعثر الأوراق
من أعطب الجهاز ... يا لمصيبتي ... يا لمصيبتي ...!
تتناول الأوراق المبعثرة و تقرأ ما كتب على بعضها
( وداعا حبيبتي الغالية .. فلن تريني بعد اليوم )
( قد حطم قلبي حبك لقيس )
( أحببتك لكنك خنتني )
( لن أطيق العيش و أنا أرى قيس بيننا )
( أخلصتُ لك و أخلصتِ لغيري )
( أنا من كان يبدل رسائلك لقيس بأخرى على الماسنجر ... سامحيني )
(أتفهم حبي ……!
أتفهم كيف أقول أحبك
دون كلام
و دون اقتباس
عبارات حب
وأهات عشق
ومعنى غرام
أتفهم حبي
أيا من به قد و ثقت
و سلمت أمري
و أرسلت شعري
و أغمضت عينيَ في غفوة
و لكنني أبداً لا أنام …… ؟؟
فأحلم أني أهيم سرورا.
وأحلم أني أعانق روحا
كستني شعورا
فينبض قلبي
و يختلج الأمر في داخلي
فذاك الهيام
أتفهم هذا ………؟؟؟؟
أتفهم أني إذا ما عشقتُ
و هام فؤادي حبّا
و في مقتلتي تجلى الغرام
فإني بذاك
أقول احبك … أقول أحبك … دون كلام… !! )
تتألم ليالي عند قراءة رسائل ساهر فتتخيله إنسانا - أمضت معه طورا من الزمن أصبح فيه جزءا من حياتها .... ونشأت علاقة ارتباط لا تمكنها من القدرة على فراقه وطي صفحة مهمة من عمرها ... تخاطبه ونبرة حزن يخالطها النشيج تغلف حديثها ....
ليالـي : يا إلهي ... كيف يمكن أن يحصل هذا ... كيف ؟
و كيف لي أن أتخيل حياتي بعدك عني ياساهر
يبدو المكان بعدك مقفر و مهجور ... لقد ألفتك
رفيقي في النجوى ... و مؤنسي في الليل البهيم
ملهمي و منجدي ... تعودت عليك بكل جوارحي
و كثيرا ما شعرت بأنك كل حياتي ...كل حياتي
ترحل و تتركني في غربة الفراق و الألم
كم أنا شقية ... كم أنا شقية... أه من قادم الأيام
وحزني عليك يا ساهر ... و يا طول ليلي بعد الفراق .......
طرقات على الباب ... تفتح ليالي لترى أحد الآسيويين يحمل شنطة ويدور الحوار التالي :
الآسيوي :ماماه .. أنا في يسله كمبيوتر خربان
ليالي : ماذا ... أغرب عن وجهي
من قال لك أني أريد إصلاح جهازي
الآسيوي : ماماه ... إنته ليش في واجد زألان.
كمبيوتر خربان ... خلي يولي ... أنا في
ركب واحد جديد ... 500 جيجا ... نيو
ليالي : قلت لك أغرب عن وجهي الساعة
لن استبدل ساهر بجهاز آخر
الآسيوي : ماماه إنته بس جرب هازا ... مافي
فلوس الحين ... مافي مشكلة.
بعدين إنته ترش فلوس دكان مال أنا
ليالي : أنت لا تفهم ... قلت لك لا أريد
لا أريد ... اتركني وحدي الآن
فأنا لا أطيق محادثة أحد ... هل
تفهم .. هيا أخرج
الآسيوي : زين زين ماماه .. لا يسوي وايد
جنجال ... أنا يريد خير حق إنته
يمكن بعدين فيه مهبت سوى سوى
أنا هلو .. إنته هلو .. يا الله سوي
شادي الحين ... قول أوكيه يالله ...
ليالي : أخرج و إلا استدعيت لك الشرطة
في الحال ... أخرج أيها القبيح
أخرج .. أخرج
الآسيوي : بكرة إنته فيه ندم ...ليش سوي كلام
مافي زين ويا أنا ... أنا يسوي إنته
شكل دياية .. خلي نيبر مال إنته
يسوي إنته تكا ... بتشوفين ...
تدفعه إلى الخارج فيسقط من على خشبة المسرح
النهاية
جهاز كمبيوتر على طاولة مرتفعة ... بعض الأوراق المبعثرة و الكتب تنتشر على أرضية المسرح بإهمال ... موسيقى ناعمة توحي بالانتظار
تدخل " ليالي " يظهر من هيئتها بأنها عائدة للتو من مكان عملها ... تبدو متلهفة لتفقد جهازها..ترمي بحقيبتها و تندفع نحو الكمبيوتر ... تحتضنه بحرارة الشوق و تردد بعض العبارات التي تعكس حالتها ..
ليـالي : حبيبي " ساهر" ... آه كم أنا مشتاقة إليك
لا أكاد أحتمل بعادك عني كل هذه الساعات
الطويلة كم هو رتيب وممل ذلك الوقت الذي
يمضي ببطء السلحفاة
تضغط " ليالي " على زر البدء فيتهادى لها صوت الجهاز مخاطبا إياها .... يظهر الصوت بنبرة الآلة المعروفة كما في الأجهزة الإلكترونية
ساهـر :
Hi Lula
كيف كان يومك ياترى !
لا تزال ليالي تضغط على أزرار الجهاز المختلفة أثناء حديثها معه
ليـالي :
ساهر عزيزي ... كم هو ممل ذلك الروتين ... إنني لا أجد
نفسي في هذا المكان المتحجر منذ بدء الخليقة ... تلك العقول البدائية لا تستطيع استيعاب الحضارة و لاتزال تعرقل دروب التطوير ...
ساهـر : و أنت ! ألا تحاولين تغيير تلك الأساليب نحو الأفضل
Try Lula …Try
ليـالي : جربت كثيرا يا ساهر غير أنه كالنفخ في القربة المقطوعة
ساهـر : يمكنك عمل بحث بخصوص هذا الموضوع توضحين فيه بالدليل القاطـع الفرق في كـفاءة الأداء و توفير الوقت و الجهد و المال بين النظام القديم و الأنظمة الحديثة.... هؤلاء الناس يحتاجون إلى
upgrade
ليـالي : و من سيساعدني في جمع هذه المعلومات ..
ساهـر : بالطبع أنا ... اضغطي على محرك البحث.
Google مثلا أو Yahoo .
لا أستطيع الحصر هناك العديد من هذه التي تحتوي
search engines
فيوض المعرفة و العلم ..فقط قومي بنسخ الكلمة التي تودين البحث عن كل ما يتعلق بها وسوف أقوم أنا بتجميع كل تلك المعلومات لأضعها بين يديك دون عناء ثم تختارين منها ما تشائين منها
تبدأ " ليالي " البحث من خلال الشبكة عن الموضوع الذي اقترحه عليها " ساهر " .... تردد بصوت خافت
ليـالي : كفاءة الأداء
رائع .. عظيم ... Great
كل هذه المواقع تتحدث عن كيفية
رفع كفاءة الأداء في الخدمة بما
يتوافق و متطلبات العصر ..
أنت رائع يا " ساهر " ... كم أحبك !
ساهـر : هل أنت سعيدة يا ليالي
ليـالي : أكثر مما تتصور
ساهـر : لقد أثلجت قلبي !
Thanks
تطلق ليالي ضحكة طويلة
ليـالي : ماذا قلت ؟ أثلجت قلبك
أنت لست " ساهر ".. أنت " ساخر " ..
ساهـر : لماذا تهـزأين بي هكـذا ؟
كم قاسية مشاعرك تلك ..
( يقولها و تخالج صوته حشرجة البكاء الذي يحاول إخفاءه )
ليـالي : لا .. لا ساهر
أرجوك أنا فقط كنت أمزح ..
Just kiddin hun...!
تحاول " ليالي " الضغط على بعض الأزرار فتظهر لها رسالة " لا يمكن الدخول للموقع " تحاول و تحاول دون جدوى..
ليـالي : ساهر... ساهر ..ما الذي
يجري ... لا شيء يعمل
لا يوجد أي رد من قبل الجهاز
و تحاول ليالي القيام ببعض مهام الإصلاح ... لا شيء يعمل
ليـالي : يا إلهي.... ما الذي يجري
لا أكاد أصدق ... من ثوان فقط
كان يعمل على أفضل وجه
فجأة تغير كل شيء ...كل شيء
تسمع همهمة خفيفة تنطلق من الجهاز أقرب إلى التأوه....
ليـالي : ساهر هل أنت معي ... ! أجبني بالله
عليك إنني لا أطيق سـكوتك ... أنت
تعـلم ذلك جيدا ... هـل أنت بخير ..
هل تسمعني .. أجب
Please
لا تزال الانفعالات المضطربة تعصف بنفس ليالي التي تحاول إصلاح العطب ... موسيقى تصويرية تعبر عن هذا القلق المتداخل مع العصبية ثم يهبط الإيقاع السريع لتنساب ألحان حزينة تعكس مدى الحزن و الاكتئاب النفسي
ليـالي : ما الذي حدث ياترى ... أيكون اختراق من قبل المتلصصين الهاكرز
Hackers ..
إنهم لا يضعون حدودا لأخلاقياتهم الهـابطة ..
لا يراعـون ضميرا أو دينا .. لا استطيع أن
أنسى ذلك اليوم الذي أنهيت فيه بحثي الذي
استمر عدة أعوام .... وقبل أن أقوم بنسـخه
أعطبوا الجهاز فضاع مجـهودي هـدرا......
They deleted every single word
لقد كانت لحظة عصيبة و من أسـوأ الذكريات
التي أود أمسحها من ذاكرتي ....
تتجه ليالي إلى جهاز التسجيل الموجود على المنضدة
تديره على أغنية لأم كلثوم "يا مسهرني..."
تدندن مع الأغنية بأسى .. يبدأ الجهاز في إرسال إشارات ضوئية و كأنه عاد للعمل مرة أخرى ..تقع عينا ليالي عليه فتنقلها تلك اللحظة المفاجئة إلى جو الغبطة لتسرع نحو الجهاز ... تقف متسمرة أمامه ويتهادى إليها صوت ساهر الحزين يردد مقطعا من الأغنية
ساهـر : " ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني
و عنيّه مجافيها النوم يامسهرني
دنا ألبي بيسألني ... أيه غير أحوالك
و يقولي بأه يعني ماخطرتش على بالك على بالك .... الخ "
ليالي ترسل ضحكة تمتزج فيها مشاعر الفرح والاستغراب .. وتردد مع ساهر المقطع التالي من الأغنية... ثم تتعالى ضحكات الإثنين ...وتعود بعدها للعمل على الجهاز مرة اخرى ...
ليـالي : حسنا يا ساهر لم يكن ذلك الموقف عاديا
أبدا .. فقد أوشكت أن أفقد أعصابي ...
ظننت بان الهاكرز قد اخترقوك ..
ساهـر : لا يجرأ أحدهم على ذلك فأنا أحيط
نفسي بالعـديد من جدران الحماية النارية
fire walls
لأصون لك خصوصيتك العزيزة علي
و أبعد عنك فضول الغرباء
ليـالي : لكنهم كثيرا ما يجدون الوسيلة لاقتحام
تلك الأسوار ... و العبث بخصوصيات
الأفراد و استغلالها
ساهـر : هم حينها لايكونون أناس عاديين
ليالـي :
What do you mean ….!!
ساهـر :
I mean ... I mean ...
أنهم يمتلكون مفاتيح الدخول السلطوية
ليالـي : لا أفهم
ساهـر
لولا .. Lula بالطبع تفهمين ..
ليـالي :
OMG... ! أتعني الـ.....!
ساهـر :
Exactly
هذا فعلا ما أعنيه ...!
ليـالي : هذا يعني أن هناك ....
No more privacy .. !
و ما الذي يريدونه من وراء ذلك ؟
ساهـر : ربما يريدون الكثير .. و ربما لا يريدون
شيئا ... و غالبا يريدون أن يسـتنتجوا
ما يـروق لهم ... و ربما فبركوا قصصا
من مخيلاتهم ... هم في النهاية وصوليون
و أصحاب نفوس مريضة ... وربما لعبت
الدوافع الانتقامية البغيضة و الأحقاد دورا
رئيسيا في هذا المجال ..
Anyway dear …. !
You haven't been watched!
ليالـي : دعنا الآن نتحدث في المهم ...سوف أقوم
الآن بتجميع المعلومات اللازمة للبحث ...
و سأحاول تقديمه للمدير العام قبل نهاية السنة ..
ساهـر :
I'm sure
بأن ذلك سيحدث تغييرا رهيبا
في مؤسستكم ... و ربما احتذت بكم باقي
المؤسسات ..
ليالـي :آمل أن يكون المدير العام على قدر من الثقافة
التي تمكنه من استيعاب الأنظمة الحديثة ودورها
في تطوير الكفاءة الإنتاجية ...
ساهـر : Lula أتعرفين ... أنا أعتقد بأن مؤسستكم
تحتاج إلى تغيير جذري من أعلى السلم حتى
أسفله ... بمعنى آخر " فورمات
format
ليالـي : لقد أوجزت الحقيقة ... المؤسسات هنا معظمها
يحتاج إلى فورمات ... و إن كان البعض يمكن
يتحسن وضعه بالـ
upgrade
ساهـر : لو حاول الجميع استغلال البرامج الإلكترونية
و الانترنت في الاستغلال الحميد
لتبدل الوضع كثيرا ولتحـسن مستـوى الأداء
بصورة ملحوظة ...
the problem is
سوء الاستخدام لهذه الأساليب
خلال الحديث تظهر إشارة المسنجر على شاشة الجهاز يبدو أن المتحدث هو حبيب " ليالي " يرسل عبارة التحية ...ساهر يشعر بالغيرة فيقوم بتبديل الرسائل الواردة منه إلى ليالي بأخرى معكوسة محاولا بث الجفاء بينهما و إثارة غضبهما ...
ليالـي : آه هذا " قيس " ... أسعدت مساءا يا حبيبي..
( باستغراب ) ماذا ...! , و تقرأ الرسالة :
( لماذا تخاطبينني هكذا ؟ )
ليالـي : قيس ماذا حدث لك ؟
تقرأ الرسالة ( أنا المجنون يا ليالـي ..!
شكرا على هذه المشاعر الجميلة )
ليالـي : أنا قلت مجنون ! من أين أتيت بهذا الكلام؟
تقرأ الرسالة : ( لم أكن أتصور أبدا أن يأتي
اليوم الذي تخاطبينني فيه هكذا !)
ليالـي : أية مخاطبة وأي خطأ ؟
تقرأ الرسالة : ( تقولين أنني الخطأ الوحيد في
حياتك ... كيف تستطتعين نطق هذه العبارة )
ليالـي : قيس أنت تعلم أنني ما أحببت يوما غيرك ...
فكيف لي أن أقول شيئا كهذا ..!
تقرأ الرسالة : ( ما الذي تقولينه يا ليالي أنت
لم تحبينني يوما ... )
ليالـي : قيس أنت تمزح حتما .. لا تقصد ما تقول
أليس كذلك ...؟
تقرأ الرسالة : ( تقولين أنك تمزحين و أنك
لم تكوني تشعرين بالحب تجاهي يوما ما ..؟ )
ليالـي : يا إلهي ما الذي يحدث لي اليوم ...
تحاول دعك عينيها لترى و تقرأ بوضوح
ليالـي : أنت تعلم أنك من ملأ حياتي نعيما و سعادة...
تقرأ الرسالة : ( أنا من حول حياتك جحيما
و شقاء ... أي جراح في الصميم تغرسينها !)
ليالـي : من معي على المسنجر و يستخدم عنوان قيس ..
تقرأ الرسالة : ( تسألين إن كنت ما زلت على
المسنجر؟ ماذا بعد في جعبتك لم تفرغيه )
ليالـي : هل أنت قيس بعينه إذا !
تقرأ الرسالة : ( أنت ترين الغش في عينيي...!
من بحق الله يمارس الغش الآن .! )
ليالـي : أنا لم أقل شيئا من هذا القبيل ...! لماذا تحاول
تحريف الحوار ؟
تقرأ الرسالة : (تريدين أن أنهي الحوار.. حسنا
فأنا أيضا لم أعد راغبا في مواصلة هذاالحوار
وداعا ... )
يبدو الاضطراب و الحزن واضحا على وجه ليالي و تبدأ في محاورة ساهر
ساهـر : لماذا تبدين حزينة
dear..!
ليالـي : لم أكن أتوقع ما حصل من قيس.
ساهـر : هو لا يستحقك ..
ليالـي : أشعر كأنني في حلم ..
ساهـر : لقد كان هذا الشخص كابوسا في حياتك..
A nightmare Lula
ليالـي : بل كان الحلم المتدفق في أعماق روحي
ساهـر : لم يبادلك قط هذا الشعور
He’s selfish
ليالـي : بل كان البلسم الشافي لجميع جراحي
ساهـر : و اليوم عاد لينكأ ما اندمل.
ليالـي : لا أكاد أصدق
ساهـر : الحقيقة دائما طعمها كالعلقم
ليالـي : لا أريد أن أعترف أنها حقيقة
ساهـر : أنت مغيبة إذا
ليالـي : إن كنت كذلك في حب قيس ...فلا أرغب
باليقظة إذا
ساهـر : أنت واهمة
ليالـي : بل عاشقة
ساهـر : ستندمين
You’ll regret it !
ليالـي : لماذا
ساهـر : أنت ِ من ضيع في الأوهام عمره
ليالـي : ألا تحمل عني بعض معاناتي
ما عهدتك محبِطا قبل اليوم .
ساهـر : بل أنا منقذ لك.
ليالـي : من حب قيس
ساهـر : بل من غدر قيس
ليالـي
لا أصدق .. لا أصدق ...can’t believe it !
ساهـر : أنت تتجاهلين المخلص لك
ليالـي : ما عرفت أخلص منه
ساهـر : اسألي عقلك
ليالـي : عقلي وقلبي متفقان.
ساهـر : وحدسك و أحاسيسك ...
ليالـي : أنا واثقة منها جميعا
ساهـر :
مخطئة أنت ...هناك من يبادلك الشعور
ويشعر بكل نفس تتنفسينه ... و كل آهةٍ
تتأوهينها... يعيش معك آلامك و آمالك ...
أحزانك و أفراحك ... ساهر يناجيك في
لياليك الطويلة .... تبثينه ما يختلج نفسك
فيشاركك المشاعر و الشعور ... تتحاورين
معه ... فيبادلك المعرفة و الرأي ... كاتم
لأسرارك .. حريص عليها ... لا يســأم
ولا يكل ... لا يشتكي من سهر أو تعب ...
يأتيك بما تطلبين وينفذ كل ما ترغبين ...
أبعد كل هذا لا تشعرين به و لا تأبهين
...you don’t care
ليالـي :
أنـا لا أمـلك من نفــسي هواهــا
أينــما حـلت فروحـي في ربـاها
و نـديم ســــاكن في مـهـجتي
مَلَكَ الأرســان فانقـادت عــراها
إن تبــدّى ..قلــت ويحـي مـلكٌ
أخجــل العينين من نـور غشــاها
ألهـاروت بنا سحـــر هيـــام ؟
يرهـق النفـس غرامـا من شـجاها
وعلى أوتـــار روحـي عُــزِفتْ
أعـذب الألحـان منســاب غـناها
فاستـمالت نشــوة الوجــد رؤىً
حــلقت طيـفا نديـا في ســماها
وارتعـاش القـلب من فـرط الجوى
يأخـذ الروح بعــيدا في رؤاهــا
واحتدام الشـوق يعـلو في الحــشا
صاخبا و النفس صـرعى من هـواها
إن نــار الوجـد تــزداد لــظىً
يصطلي الولهان من حــر لظـاها
غـير ان الكــون يغـدو جنــة
يرقـص الحـلم على وقع خطاهـا
وإذا النـار سـلام سـاحــــر
يرتوي العشـاق من نبع صفاهـا
ساهـر : ألهذا الحد تحبينه
ليالـي : لا أستطيع أن أشرح لك حالتي كما أشعر
بها ... أنت لا تفهم معنى الوجد و الغرام..
ساهـر : و تعتقدين ذلك
ليالـي : بالطبع .. فهذه مشاعر إنسانية وأنت مجرد آلة
تأخذ الأوامر بحسب ما نغذيك به من البرامج
ساهـر : إذا كانت من تغذيني إنسانة ... فكيف لا أستطيع
فهم المشاعر الإنسانية ...
ليالـي : فكيف تراني إذا ....؟
ساهـر : كما ترين قيس ..
تصيب الصدمة ليالي بالذهول .. فلم تكن تتوقع أبدا مثل هذا الرد الغريب من آلة صماء لا علاقة لها بالروح و الحياة و المشاعر....
ليالـي : أنت جهاز ... مجرد جهاز .. و لا يمكن
أن تكون غير ذلك ....
لا يستطيع ساهر مواصلة حديث جارح مع ليالي التي ترفض الاعتراف بمشاعره .... وفي هذا الوقت يكون الصباح قد بدد أنواره في المكان ....
ساهـر : الساعة السابعة صباحا ... ألن تذهبي للعمل
ليالـي : حقا ..! يا إلهي كيف لم أشعر بذلك
لم أنم حتى للحظة ... كيف سيكون أدائي
هذا اليوم ... لقد كنت منذ قليل أبحث عن
وسيلة لتطوير الأداء ... فإذا بي أقع فريسة
لسوء استخدام وسيلة التطوير...وقلب جريح
وفكر شارد و نفس مكلومة ... إلهي رجوتك
أن تساعدني في الانتصار على ذاتي و آلامي
تطفيء ليالي جهاز الكمبيوتر و تلملم بعض الأوراق ثم تأخذ حقيبتها منصرفة لمكان عملها .... خلال فترة غيابها في العمل يتخذ ساهر قرارا بالانتحار فهو لا يقوى على قبول واقع مؤلم بالنسبة له ... ويترك رسائله الحزينة لتقرئها ليالي بعد عودتها ....
( يحدث صوت يشبه الانفجار مع مؤثرات ضوئية )
و تتبعثر أوراق كثيرة على خشبة المسرح .... وعندما تعود ليالي من عملها تفاجأ بذلك الحدث الذي يشل تفكيرها و صدمة الذهول تصيبها بما يشبه الشلل ...
ليالـي : و يلي .. ماذا حدث ... من بعثر الأوراق
من أعطب الجهاز ... يا لمصيبتي ... يا لمصيبتي ...!
تتناول الأوراق المبعثرة و تقرأ ما كتب على بعضها
( وداعا حبيبتي الغالية .. فلن تريني بعد اليوم )
( قد حطم قلبي حبك لقيس )
( أحببتك لكنك خنتني )
( لن أطيق العيش و أنا أرى قيس بيننا )
( أخلصتُ لك و أخلصتِ لغيري )
( أنا من كان يبدل رسائلك لقيس بأخرى على الماسنجر ... سامحيني )
(أتفهم حبي ……!
أتفهم كيف أقول أحبك
دون كلام
و دون اقتباس
عبارات حب
وأهات عشق
ومعنى غرام
أتفهم حبي
أيا من به قد و ثقت
و سلمت أمري
و أرسلت شعري
و أغمضت عينيَ في غفوة
و لكنني أبداً لا أنام …… ؟؟
فأحلم أني أهيم سرورا.
وأحلم أني أعانق روحا
كستني شعورا
فينبض قلبي
و يختلج الأمر في داخلي
فذاك الهيام
أتفهم هذا ………؟؟؟؟
أتفهم أني إذا ما عشقتُ
و هام فؤادي حبّا
و في مقتلتي تجلى الغرام
فإني بذاك
أقول احبك … أقول أحبك … دون كلام… !! )
تتألم ليالي عند قراءة رسائل ساهر فتتخيله إنسانا - أمضت معه طورا من الزمن أصبح فيه جزءا من حياتها .... ونشأت علاقة ارتباط لا تمكنها من القدرة على فراقه وطي صفحة مهمة من عمرها ... تخاطبه ونبرة حزن يخالطها النشيج تغلف حديثها ....
ليالـي : يا إلهي ... كيف يمكن أن يحصل هذا ... كيف ؟
و كيف لي أن أتخيل حياتي بعدك عني ياساهر
يبدو المكان بعدك مقفر و مهجور ... لقد ألفتك
رفيقي في النجوى ... و مؤنسي في الليل البهيم
ملهمي و منجدي ... تعودت عليك بكل جوارحي
و كثيرا ما شعرت بأنك كل حياتي ...كل حياتي
ترحل و تتركني في غربة الفراق و الألم
كم أنا شقية ... كم أنا شقية... أه من قادم الأيام
وحزني عليك يا ساهر ... و يا طول ليلي بعد الفراق .......
طرقات على الباب ... تفتح ليالي لترى أحد الآسيويين يحمل شنطة ويدور الحوار التالي :
الآسيوي :ماماه .. أنا في يسله كمبيوتر خربان
ليالي : ماذا ... أغرب عن وجهي
من قال لك أني أريد إصلاح جهازي
الآسيوي : ماماه ... إنته ليش في واجد زألان.
كمبيوتر خربان ... خلي يولي ... أنا في
ركب واحد جديد ... 500 جيجا ... نيو
ليالي : قلت لك أغرب عن وجهي الساعة
لن استبدل ساهر بجهاز آخر
الآسيوي : ماماه إنته بس جرب هازا ... مافي
فلوس الحين ... مافي مشكلة.
بعدين إنته ترش فلوس دكان مال أنا
ليالي : أنت لا تفهم ... قلت لك لا أريد
لا أريد ... اتركني وحدي الآن
فأنا لا أطيق محادثة أحد ... هل
تفهم .. هيا أخرج
الآسيوي : زين زين ماماه .. لا يسوي وايد
جنجال ... أنا يريد خير حق إنته
يمكن بعدين فيه مهبت سوى سوى
أنا هلو .. إنته هلو .. يا الله سوي
شادي الحين ... قول أوكيه يالله ...
ليالي : أخرج و إلا استدعيت لك الشرطة
في الحال ... أخرج أيها القبيح
أخرج .. أخرج
الآسيوي : بكرة إنته فيه ندم ...ليش سوي كلام
مافي زين ويا أنا ... أنا يسوي إنته
شكل دياية .. خلي نيبر مال إنته
يسوي إنته تكا ... بتشوفين ...
تدفعه إلى الخارج فيسقط من على خشبة المسرح
النهاية