فواغي القاسمي
الرياض بوست
- 7 February 2015
فعلى صفحات "تويتر" مثلا تتجلى لك المأساة بأبعد جوانبها وزواياها الحادة، تظن أنك حين تكتب فإنما تخاطب عقل أرجواني و قلب أخضر و نيّة سماوية وروح وردية – وفوق هذا وذاك تظن أنك خارج إطار الدوغماتية وبعيدا عن دائرة السطحية متناسيا أن يكون بين متابعيك من يتحكم بهم سلطان النرجسية، الطائفية أو البدائية وربما أحيانا تفاجأ بمعتلا خلقيا أو نفسيا يقتحم عليك صفحتك لا لشيء سوى للفت انتباهك وانتباه الآخرين لحماقات يظنها حكمة أو قدرة على التحدي وجميع ذلك يندرج تحت قائمة " حروف الجهل" التي تقوم "بالرفع" و"النصب" و"الجر" و "الجزم" وكل شيء بحساب.
لا شك أن "تويتر" أطاح بأنظمة عن عروشها كانت عصيّة على السقوط، لكنه خلق جيوشا افتراضية لتلك الأنظمة و غيرها حتى أنك لتشعر حين تدخل على صفحات "تويتر" بأنك أقرب أن تكون في "سوق سمك" حيث تختلط المساومات الرخيصة فتمتزج الأصوات القادحة بالمادحة بالمتوعدة بالمنافقة ويشرع الكذب أبوابه لكل شارد و وارد تحت ظل شجرته الشائكة.
وهناك فئات تلوذ بردهات الساحة تجمعها اهتماماتها الخاصة بعيدا عن ضوضاء السوق فتكتب شعرا و أدبا وحكما وثقافة و تتقوقع في ذلك الركن القصي بذاتها وشياطينها و ملائكتها.
وفئة اقتحمت بثقافتها و ووعيها ساحة الوغى الافتراضية وأدلت بدلائها في كل بئر فامتزجت لديها السياسة بالثقافة بالأدب بالدين بالفلسفة بالفكاهة فرسمت صفحاتها صفحات سوريالية ملونة جميلة الأبعاد موفورة الإنتاج صاخبة المعنى كحدائق بابل بأزاهيرها و رونقها وخرافتها الممتلئة لحنا و شجنا المتوشحة علما وفكرا وغيثا.
وتبقى فئة "الخوارج" البعيدة عن هذا وذاك ليس لها من حطام "تويتر" سوى عبارات ساذجة وحوارات مبتذلة لا ترتقي إلى مستوى الحوار
في النهاية لا يمكننا سوى شكر جاك دورسي الذي فتح لنا طاقات الأمل و التواصل و الاقتراب من الجنة و النار في آن و ارتشاف العسل و المر والترحل في دروب الاكتشاف حتى أقاصي المعرفة .