فـي الأفـق غيـم.. وراء الغيـم همـهمـة
وطيـف صبـح بــدا فـي الليــل بـركـانــا
صوت النوارس خلف الأفق يخبرني:
البـحــر يخفــي وراء المــوج طـوفــانـــا
لا تسـأل الحلـم عمـن بــاع.. أو خـانـا
واسـأل سجـونـا تسمـي الآن أوطــانـــا!
أشـكو لمـن غـربــة الأيــام فـي وطــن
يمتــد فـي القلـب شـريـانـا.. فشـريــانــا؟
ما كـنـت أعلــم أن العشــق يـا وطنــي
يـومـــا سـيغــدو مــــع الأيــــام إدمـــانــــا
علمتـنا العشــق.. حتـى صـار في دمنـا
يســري مــع العمـــر أزمـانــا.. فـأزمــانـــا
علمتنا.. كيف نلقي المـوت في جلـد
وكيـف نخفـي أمــام النـــاس شكـوانـــا
هـذا هـو الموت يسـري فـي مضاجعنـا
وأنـت تـطـــرب مـــن أنـــات مــوتـــانــــا
هـذا هـو الصمت يشـكو مــن مقـابـرنـا
فكـلمـــا ضـمـنـــا.. صـاحـت بـقــايـــانــــا
باعـوك بخسا.. فهـل أدركت يا وطني
في مأتـم الحلم قلبي فيك كم عـانى؟!
ســفينــة أبحــرت فــي الليـــل تـائهــة
والمـوج يرسـم فـي الأعمـاق شـطــآنـــا
شـراعهـا اليـأس.. تجـري كلما غـرقت
حـتي تـلاشـت.. ولاح المــوت ربـــانـــا
يا ضيعـة العمـر.. سـاد العمـر فـي سـفـه
بطـش الطغـاة.. وصـار الحــق شـيطـانــا
كم كنت أهرب.. والجلاد يصرخ بي:
يكفيك ما قـد مضـي سخطـا.. وعصيـانـا
ارجـــع لـرشــدك.. فالأحــلام دانـيـــة
واسأل حماة الحمي صفحـا.. وغفـرانـا
هل أطلب الصفح من لص يطاردني؟
أم أطلـب الحلـم ممن بـــاع أوطـانــا؟!
بيـن الهمــوم أنــام الآن فـي ضـجــر..
قد هدني اليـأس.. فاستسلمت حـيرانـا
حـتي الأحبــة ســاروا فــي غــوايتـهــم
وضـيعــوا عـمـــرنا شــوقــا.. وحـرمـــانــــا
خانـوا عهـودا لنـا.. قـد عشت أحفظهـا
فكيـف نحفـظ يـومـا عهــد مـن خــانــا؟
إنـي لأعجب.. عـيني كيـف تجـهلنـي
ويقـطـع القـلـب فـي جـنبيّ شـريــانــا؟!
كم عربـد الشوق عمـرا فـي جـوانحنـا
وقـــد شـقينــا بـــه فـرحـــا.. وأشـجــانــــا
مـا سـافـر الحب.. مـا غـابت هواجسـه
ولا الـزمـــان بـطـــول البـعـــد أنـســانــــا
إن حلقَـتْ فـي سـمـاء الحـب أغـنيــة
عـادت ليــاليــه تشـجي القـلـب ألحــانــا
لـم يبـق شـيء سـوي صمـت يسامـرنـا
وطيــف ذكــري يــزور القـلـب أحيــانــا
قـدمــت عـمـــري للأحــلام قـربــانــا..
لا خـنت عهــدا.. ولا خادعـت إنســانــا
شــاخ الـزمــان.. وأحــلامـي تضـللـني
وسـارق الحلــم كــم بالـوهـم أغــوانــــا
شــاخ الـزمـــان وسـجانـي يحاصــرنـي
وكـلمــا ازداد بـطـشــا.. زدت إيمـــانــــا
أسرفت في الحب.. في الأحلام.. في غضبي
كـم عشـت أســأل نفـسي: أيـُّنـا هــانــا؟
هل هـان حلمي.. أم هانت عزائمنـا؟
أم إنــه القهــر.. كـم بالـعجــز أشــقـانـــا؟
شـاخ الـزمـان.. وحلمـي جامــح أبــدا
وكـلمــا امـتــد عمــري.. زاد عـصيـــانـــا
والآن أجــري وراء الـعمـــر مـنـتـظـــرا
مــا لا يجـيء.. كـأن الـعمـــر مـا كــانـــا!
***