فواغي القاسمي
الاتحاد / حوار أجراه الشاعر محمد خضر
فواغي القاسمي: تأخذني الكتابة لملكوت الشرود
تقول الشاعرة الإماراتية فواغي صقر القاسمي حول طقسها في الكتابة: حين أقترف الكتابة، هكذا أسميها لعلتي المرتبطة بما أظلل به صفاء الصفحة البيضاء من زخات تكون قد ارتكبت فعل العصف بذاتي، فإني بذلك أكون قد توشحت برداء غياب يأخذني في غيبوبة أستفيق بعدها على تلك الخربشات التي تركتها رحلة اللاوعي. للقصيدة حكاية لا تماثل المسرحية ولا تشترك بها مع المقالة، فقد اتخذ كل منها مكانا قصيا في دهاليز الذات الشائكة حيث لا تَرى ولا تُرى، القصيدة أمر إحضاري في حينه يأتي بي من حيث وأين ومتى وكيف، لا يعير اهتماما لظرف زمان أو مكان.. وحينها فقط تتهاوى قدرة المقاومة ولا يسعني سوى تلبية نداء يأخذني في ملكوت الشرود ليعيدني بعد فترة لملامسة واقعي الذي غادرني في استجابة لذلك الأمر.
تضيف فواغي: قد أكون أهم بالخروج في ساعة معينة فيستوقفني ذلك النداء لينهمر صخبا من عاطفة وشعور لا تحتكم لتجسيد، بل انها صور تلتقطها مجسات خاصة أثناء رحلة الروح في سماوات التخيل، هكذا فقط تكون.. وحين أستعيد وعيي أحاول فهم ما تركته تلك اللحظة. أما المسرحية فيبدو الأمر مختلفا شيئا ما، أدخل في حالة من التحول الفكري والعاطفي، ويتملكني الشعور الزمكاني الذي يسلخني من واقعي الحاضر، فأغلق باب صومعتي لمدة قد تصل الى أسبوعين بعيدا عن جميع مؤثرات الواقع، أتناول فيها ما قل من الطعام، وتلك ميزة أحمدها عليها لأنني حينها أخسر بعضا من الوزن الزائد، في البيت يفتقدني الجميع خلال هذه الفترة وأكاد لا أراهم إلا مصادفة.. غير أنني أحرص أن ألتقي بمخرج المسرحية كل يوم في نهاية النهار حتى لا أشطح كثيرا في تصوراتي فأخرج عن سياق الحدث.. هذه الحالة من الشفافية دائما ما تكون مقترنة بفعل الشعر الذي يكتبني حينها لتخرج المسرحية الشعرية، وقليلا ما يحيد بي الظرف بعيدا عن طريق الشعر إلى السرد.
وتتابع فواغي: الصمت هو الرفيق الموحش الوقور الملازم لحالة الكتابة، حتى فيروز يكاد صوتها يختفي من الذاكرة حتى أعود لي من جديد. اعتدت على الشاشة أبثها نجواي فتخليت عن الورقة والقلم، وأحيانا يحدث أن أكون في حوار افتراضي على النت مع أحد الأصدقاء أو الصديقات ممن تجمعنا تلك الهواية فتكون كلمة خاطفة أو عبارة عابرة مفتاح قصيدة تولد في حينها، وأحيانا تفعل أغنية حميمة فعل ما لا يستطيعه واقع أو خيال. وقد يكون مشهدا سينمائيا يحرث كوامن عالقة في عمق الذات لتتجلى بعدها لحظة الميلاد لقصيدة مختنقة تنتظر الخلاص والحرية. يقول السهروردي إن لحظات الكشف تأتي كبروق خاطفة، وأنا أستعير هذا التعريف لوصف مشهد ولادة القصيدة لدي