حوار نشر باللغتين العربية و الكوردية لمجلة زنار الكوردية
الشاعرة الرقيقة فواغى بنت صقر القاسمى
تحية طيبة معطرة بأريج الورد و الياسمين من اعالى جبال كوردستان العراق.
شكرا لاستجابتك و رسالتك الجميلة و الكلمات الرقيقة. ونحن ايضا يشرفنا ان تكون ضيفة صحفات مجلتنا. و اتمنى ان تكون بداية لتعاون و تواصل بغية تعريف الاوساط الادبية فى بلدينا بابداعات الاخر و بناء جسر الصداقة بيننا. مايلى اسئلتنا و اللتى أمل ان لاتكون مزعجة. و اود ان تردى علينا فى اقرب فرصة ممكنة بغية ترجمتها الى الكوردية و سوف ابعث عند نشرها نسخة من المجلة عبر الايميل.... شكرا مرة اخرى.
س: لنبدأ من حياة فواغى الخاصة و نسألها، من هى فواغى؟
هي تلك المنزوعة من شرنقة الشجن ، و الشاردة في فضاءات الريح .. لها بكل مرفأ حميم.. قصيدة و معبد .. تمردت على أغلال الإنغلاق و التقييد وسذاجة المظهر و المكانة ، لترحل حيث تجد ذاتها بين سراديب الألم والحزن و البساطة الماتعة ، بين أولئك الذين تجدها بينهم باختيارها وتستشعر القرب في نظراتهم الحانية ، و ثمة بوارق تلتمع في حنايا ذاتها حين يشاغلها الوجد بانهماراته العذبة ، زوجة ولي عهد إمارة رأس الخيمة الشيخ خالد بن صقر القاسمي و أم لستة من الأبناء .
س: كيف كانت بداياتك مع الادب و الشعر تحديدا؟
نبتة نمت في ظل دوحة شامخة ، فاستظلت بفيئها لتنمو براعم تفتقت من تلك الهبة الإلهية ، فكان الوالد الشاعر المرحوم الشيخ صقر بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة السابق شاعرا قوميا عروبيا / سقى غرسه بإخلاص
و كانت الطفولة بعض من محاولات الولوج إلى عوالم التشكيل النصي , فارتقاء سلالم التهذيب و التشذيب و الصقل المرهف .. ثم انثالت سحابات الخلق المتغيرة لتخلق لكل ظرف لون و قصيدة .
س: حسب علمى تكتبين المسرحيات الشعرية ايضا، كيف توفقين بين المجالين، و أيهما تفضلين؟
المسرحية هي الفضاء الأقرب و الأجمل للحلول في ذاتي فأبحث عني بين زواريبها و أبنيتها و حقولها ، فأجدني بين الهنا و الهناك مرتحلة على رؤية و شعور ، يتقمصني وطن وألم و شجن و رفض و وله و ..و.. و لكل هالته الشاعرية المقدسة لتكتبني قصيدة وحوارا و موقفا و عبرة ، فتنبثق المسرحية الحميمة الصادقة . و القصيدة إبنة المسرحية الشعرية و لكليهما مقام القرب الأجمل في نفسي بدون ( أيهما) .
س: الخليجيات بشكل عام غير فعالات فى المجالات الحيوية، كالسياسة، والادب و...........الخ، ولانرى سوى قليلات منهن لهن حضور على الساحة الادبية، وهن فى الاغلب من عائلات الامراء او المالكة، ماتفسير فواغى لتلك الظاهرة؟
للكثيرات أسوار و حصون شاهقة ، ترسخت بنظرة إجحاف مجتمعاتهن لهن .. تسربلن بعباءة مهترأة فرضتها عقولٌ لم تشأ أن تفارق محجرها فانغلقت و أغلقت ، و من استطاعت منهن التمرد على جمود تلك الحجارة فرت شاردة تستعذب كينونتها الفطرية بعيدا عن فروض الجاهلية .. و من المسلم به أن تكون لمن ابتسمت له ظروف المواجهة فرصة الظهور الأمثل.
س:فى المجتمعات الشرقية يوجد مساحة ضيقة جدا للحرية وبالاخص للمرأة، الا يخلق ذلك هاجسا او مانعا للابداع عند فواغى؟
ربما العكس ، فالسباحة ضد التيار في بعض الأحايين تمدنا بالقوة المفقودة
و فواغي شخصيا مغامرة تعشق التحدي وبه تستجمع قطاف حقولها وتشرع نوافذ التعبير بمداد يراه الآخرون ممنوعا حد التحريم أو التجريم .
س: لأيهما يرجع الفضل فى ابداع الشاعر هل هى الموهبة ام المعرفة؟
شقيقتان توأمان ترفدان بعضهما البعض و تكملان ما نقص ليتم ما يفيض.
س: تعتبر فواغى من شعراء الشعر الكلاسيكى، هل هذا يعنى بأنك لاتؤمنين بالشعر الحر؟
بل به أؤمن و أكتب، و إنما أخلص للآخر قلبا و قالبا ..لأنني حين أبحث عني أجدني بين تلك القوافي المتعثرة في مفترقات دروبي ، الصادحة بأنغام البحور .. الهائمة في مساحات الشعور ، النائمة في ردهات بيت ٍ قائم على أعمدة ٍ يموسقها رويٌ و قافية.. أما حين تشاغلني رغبة التحرر فإنني أهرب إلى حضن الحر و النثري فأغرق في حشود التعبير المتحرر من كل إطار.
س: هل كتبت شعر بالعامية، ايهما اسرع للشهرة العامية ام الفصحى؟
بعض من فيض ، و ما وجدتني هناك .. بيد أنني حين وهلة عابرة أستجمع قليلا من قطره فينشبني على مدخل خيمته ، ثم أهرول عائدة لموسقة الروح حيث كانت . و للشهرة ألف باب يطرق و لكليهما الموائد العامرة إنما لكل من يتذوق يرى بين الأطباق ما يروقه ، فلا فضل لهذا على ذاك غير أن الطبيعة الجغرافية لها امتدادها على مفازات التقييم.
س: لمن تقرأ فواغى او معجبة باى من الشعراء هل هناك من تقتدين به؟
للقدماء أولا ، الأندلس و ابن زيدون عشقي الأول و الدائم ، ثم من تلاه وصولا لوالدي و نزار قباني انتهاءا بالعديد من رياحين عصرنا .
س:منذ زمن لم نرى ولادة عمالقة فى عالم الادب العربى و الشعر بالآخص، هل انتهى عصرهم؟
لا ليس الأمر كذلك .. لكنما الإعلام الملتحف بعباءة التنوير سرق بعض الضوء منهم ، غيرأننا في طور مصالحة بين الإثنين حيث يتبنى أحدهما الآخر بدلا من إقصائه .. و للأدب الحديث أعلام سامقة و متنوعة .
س: يقول ادونيس[ ان الشعر رئة الحياة اللتى يتنفس من خلالها العالم] هل مازال الشعر فى عصر التكنلوجيا و الثورة المعلوماتية كذلك؟ هل تتوقعين مع هيمنة الماديات اندثار الوجدانيات؟
الوجدانيات فطرة لا تنقضي ، و لكن للعصر قيامته التي لا تغفل .. وكل حداثة تجرفنا بعيدا عن الصفاء .. فمن حادي العيس إلى أجهزة الحاسوب و النت .. و من ضوء صناجة و قمر إلى مصابيح مشعة .. تلوث ذلك الصفاء شيئا ما فما عاد ناي الحادي يصل حالما تحت تأثير هدير المحركات.
س: هناك من يقول بان الشعر العربى فى ازمة ما رأى فواغى؟هل هذا صحيح؟
ربما نوعا ما ، لأن مساحات التأثير التي كانت صنعته قد أفل نجمها ، و أصبح الصوت الصارخ ببرية الكون هو صوت التكنولوجيا ، فانزوى الشعر و نأى بنفسه ركنا قصيا كي يبقي على ذاته دون تشويه .. غير أن ذلك النأي لم يأت ثماره فغزته همجية مقيتة شوهت تلك الصورة اللذيذة.
س: نرى على شاشات الفضائيات مهرجانات شعرية يتغنى فيها الشعراء بأمراء و ملوك و روءساء، هل عاد الشعراء الى وظيفتهم القديمة ليكونوا مداحين فى بلاط الملوك و الامراء؟ هل هذا وظيفة الشعر الحقيقية؟
الشعر هو الشعور وما قيل في التطبيل و المديح ليس شعرا إنما هو افتراءا وكذبا ممجوجا لا يستشعر قارئه بعذوبة القراءة و لا يرى به من الجماليات ما يعطيه حق التسمية .. بالأمس تحول الشعراء إلى ناعقين بفضل أمير وخليفة ، ذاك كان نوعا من النفاق الإجتماعي و السياسي ليرتفع سهم هذا ويترسخ مقام ذاك..إضافة إلى الرغبة في إجزال العطايا و الهدايا والمنح..والآن نرى ما سبق و عرفناه و عاد لبعض الشعراء صوتهم المقيت فأصبحوا ولقباحة الصدف مداح السلاطين كما سابقا .
س: مامدى معرفة فواغى بالادب الكوردى؟
أقرأ كثيرا لهذا الأدب الرفيع منحوتا بأبجدية عربية صفية ..و سامقا ببلاغة نادرة ..و أردد دائما و أبدا : في هذا العصر ، الكرد هم أفضل من يكتب العربية... و تلمع في ذهني أسماء كردية رائعة كسليم بركات و هوشنك أوسي و محمد نور الحسيني وآخين ولات و عبد الرحمن عفيف ، و غيرهم الكثير .. و ملحمة مم وزين دوحة تفرعت في خبايا الروح تستحضر الكرد بروعتهم و وجدهم ورقيق عشقهم في كل ساعة و حين .
س: القضية الفلسطينية اثرت على شعراء الكورد و ابداعاتهم فنظموا فى حقها و مظلومية شعبها، لكن السؤال هنا لماذا لم نرى من الاخوة العرب، سوى (الجواهرى) العظيم، يتعاطف مع شعب يتعرض الى ابشع جرائم الابادة، الانفال، والقصف بالاسلحة الكيمياوية، مناظر المقابر الجماعية، كل هذا لم يؤثر على مشاعرهم؟ ماقول فواغى حول هذا الموضوع؟
ربما لأنها قضية وطنية وطنية وقد نجدها في كل قطر عربي للأسف و إن تفاوتت درجة العنف ، و هذا هو طبع المشرق ، نعام يدفن رأسه في الرمال كي لا يرى ما يجب أن يراه ... بيد أن فلسطين قضية أمة تحتلها دولة غاشمة و تمارس على أرضها شهوة الإبادة و تلون ثراها باللون الأحمر ، ستون عاما و لم يستسلم الحجر في يد طفل أو إمرأة و لم يبرد الزناد في يد شاب و شيخ .. هذا الصمود المتجلي من القدرة النادرة في المقاومة والتحدي ومشاهد المجازر اليومية التي لا تنتهي و صور نعوش الأطفال وغيرها من الصور المأساوية التأثير خلقت حالة شعورية حادة لدى صاحب كل قلم .
س: قلت فى رسالتك بأن الكورد افضل من يكتب الادب العربى اليوم، ماذا تقصدين من ذلك؟
ربما اشتمل الإجابة عليه سؤال سابق
س: ماهى اخر اعمال فواغى الادبية؟
ليس هناك من آخر حين للدفق مرافئ و مفاوز ، لكنما محطات نحط فيها الرحال ، و محطتي الآنية ديوان جديد للنصوص النثرية بإسم ( موائد الحنين) .. أنتظر إطلالته في الأيام القادمة تقوم بنشره مؤسسة شمس للنشر و الإعلام .
س: ما رسالتك الى الشعب الكوردى والوسط الادبى الكوردى؟
ربما للمفارقات العجيبة أن أعشق شعبا و أدبه و لا أعرف أحدا منه ، كل ما يصلني من مشاعر نبيلة تجاه هذا الشعب إن صح التعبير ( المضطهد) هو ما تقع عليه عيناي من بليغ الكلم و الشعور .. و أتمنى هدأة البال لهذا الشعب الجميل حتى نستلذ قطاف جنائنه التي ترويها تلك الأقلام الكثيفة بزلالها النقي .
فى نهاية لم يتبق سوى ان اتمنى ان تكون هذة المقابلة بداية لتعاون ثقافى بين الاوساط الادبية و الثقافية فى كوردستان العراق و الاوساط الادبية و الثقافية فى دولة الامارات، وان تكون هذه المبادرة من خلال شخصكم الكريمة، و طلبى الاخير هو ان ترفقوا مع الاجابات بعض صور شخصية لكم اكون شاكرا.
شكرا جزيلا مرة ثانية لاستجابة الكريمة، مع تمنياتى لك بالنجاح و الموفقية.
هلكورد احمد عمر
رئيس تحرير مجلة (زنار)
السليمانية - كوردستان العراق