- حوار جريدة السفير اللبنانية : محمد الحمامصي
المسرحية هي الفضاء الأقرب و الأجمل للحلول في ذاتي فأبحث عني بين زواريبها و أبنيتها و حقولها ، فأجدني بين الهنا و الهناك مرتحلة على رؤية و شعور ، يتقمصني وطن وألم و شجن و رفض و وله و ..و.. و لكل هالته الشاعرية المقدسة لتكتبني قصيدة وحوارا و موقفا و عبرة ، فتنبثق المسرحية الحميمة الصادقة . و القصيدة إبنة المسرحية الشعرية و لكليهما مقام القرب الأجمل في نفسي و بينهما التكامل الأسمى.
- هذا التنوع في مشاريعك الإبداعية ماذا أضاف لك ؟
حزمٌ متشكلة من مدارات التجاذب حينا و التنافر حينا آخر ، و لغة الجمع تحاول الإنفلات بين ثقوب هذا و ذاك لتحيك كمالية مشهد أتمنى أن يكون .. فأجدني على مسرح التعبير مرتدية أثواب التغيير و لكل وهلة لونها المنداح من اللحظة حينها ، لكن بوتقة الإنصهار واحدة ، لترسم المشهد الأخير .. و أنا في تمام الرضى عنه.
- كيف تتشكل العوالم الشعرية لديك؟ وهل لديك طقوس معينة في الكتابة ؟
عجين من مؤتلفات الحزن و الوجد و الألم و القهر ، تفيض عن إطارها المحدود بالخاص إلى عوالم الموصوف بالعام ، وخزات تخترق حجب السكينة ليستفيق جرح و ينزف نبض .. استغراق تام في جو من الانصهار الوجداني ، يأخذني لزاوية قصية ليغلق عليّ أبواب وحدتي الحميمة ، فأغيب بعيدا عن ضوضاء الحقيقة ، و تقاطعات الواقع .. و تبدأ خيوط الرسم في انحناءاتها الشعرية لتضفر القصيدة أو المسرحية كجديلة غجرية متمردة . قد يستمر المشهد دقائق و ربما يمتد لأيام متوافقا مع الموقف و الغاية و المراد صياغته.
- ما مدي إيمانك واقتناعك بأهمية الأداء المسرحي للمسرحيات الشعرية، أو بصيغة أخرى هل مسرحياتك الشعرية تقرأ أم الأفضل لها أن تؤدي علي خشبة المسرح؟
في زمن تتهاوى فيه خطى العصر في عثرات العولمة ، يصبح النص المقروء على أرصفة الإهمال و التحييد و الإجحاف ، و يصبح السهل المرغوب أداة التوصيل الأسرع و الأنجع . و كما للخشبة حضورها و أثرها و تأثيرها لذا فخيار الحضور التجسيدي يبقى الأفضل على كل حال ، و قد كان اختياري .
- وماذا عن قصيدة النثر ودورها في الشعر العربي ؟
النثر فن من الأدب لا يقل إخلاصا لصاحبه و مجتمعه من الشعر غير أنه جُوبِه بالنكران واحتقار القيمة و هذا من الأسباب التي تشتعل بداخلي بضرورة إنصاف هذا الفن الجميل ، و ما نكتبه نثرا يجب أن يبقى نثرا .. لكن أفلاطون يقول (كل إمرءٍ يصبح شاعرا إذا مسه الحب) لذا فإن نثر العشاق يصبح شعرا حسب قوله و كي لا يظلم النثر فمن الضرورة أن يُرى له مسمىً يليق به كونه تقاطع في الكثير من صفاته مع الشعر و أمانة في القول ، إن للنثر بواطن الشعور الماتعة ومرافئ التصوير و الجمال الفائقة تلك التي قد لا يحتويها الشعر ، فكيف أصابه داء النكران بهذه الصورة و لماذا ؟ أسئلة للنقاد حق وواجب الإجابة عليها.
- هل تؤمنين أن المثقف قادر على تغيير المجتمع أو التأثير فيه؟
للزمن و التاريخ أقانيمهما الثابتة و الدائمة الدوران و الإعادة .. و حين نؤمن بأن الأنبياء حملوا رسائل تثقيفية لتمزيق عتمة الجهل للوصول بجنسهم البشري إلى مرافئ التنوير، نعي تماما كم لهذا الفضاء الشاسع من هالات الضوء في حدوث المتغيرات و صياغة تأثيرها و عصر الندى المتكثف على أوراق طرحها .
- وما دور المرأة المثقفة العضوي في المشروع الثقافي العربي ؟
لست ممن يؤمن باختلاف الجنسين ثقافيا ، فرسالة آدم تتطابق مع رسالة حواء ، فـ(هي) مشروع محاذ لـ (هو) متكامل حد التطابق ، و لا أعي سر التفضيل والتمييز المنقص لحق نون النسوة .
- وضعك الاجتماعي هل كان عقبة في سبيل مشاريعك الإبداعية ؟
خلط موبوء بالحيرة ... بعض من الخطوط المتعارضة لتوازن الدفق و انسيابية التعبير ، تحدٍ يرسم إشكالية الخروج عن النص بثمن محدد سلفا أحيانا و مباغت في أحايين أخر .. سباحة عكس التيار بما يليق لا بما يجب من قبل من يصنع الواجب و المفروض باحتسابات معارك شخصية و تنازلات قهرية .. و للتحدي قدسيته الخلاقة التي وجدتني أنضوي تحت سحابتها الهاطلة.
- ما أهمية أن يكون لدول الإمارات مشاريع ثقافية تحميها من الثقافات الراغبة في الهيمنة علي خيراتها سواء كان المشروع الإيراني المجاور أو المشروع الأمريكي الصهيوني ؟
أمل يتسامي يوما بعد يوم في ذات كل ذي قلم صادق و حر ، شرعية الفكر والمنطق المتحولة غالبا إلى ركام التحجيم و الإهمال ، تحييد العقول الناطقة بصيحة الوعي ، تلك الـ ينعكس في مرآة صدقها ضرورة الواجب ،،
و لكن ...
لا تزال فقاعات الإعلام تتكثف على المشهد الثقافي لترسم صورة هزلية ساذجة ومسابقات لا ترتقي لوعي المثقف أو إلى حجم الضرورة ،، و آسفة أقول أن البوابات مشرعة لإغراق المجتمع في الثقافات الدخيلة و إبرازها على أنها الضرورة العصرية ، في غفلة عن ثقافة دول الجوار الهادفة لغرس جذورها عميقا في ثقافة الوطن لمسخها و استبدالها ومن ثم الاستيلاء على العقول و الشعور ليتسير الغرض المتخفي حتى حين ..
- وماذا عن مشروعات فواغي القاسمي الإبداعية مستقبلا؟
ليس لموضوع بعينه إنما آمال و طموحات ، بذرة تنمو في محيط من الهدوء والسكينة و ما أن تنضج حتى تصبح واقعا مهيمنا يستلب القدرة على الرقاد لحين انبلاجه بصورة كانت طيفا يوما ما لتتجسد بوعي واقعي .