- حوار جريدة الراية القطرية : هويدا صالح
خوض في عوالم النثر الصارخة ، تحرر من قيود الوزن و القافية .. حيث تتراءى فضاءات الحلم و الشجن .. الحزن و الألم ..العتب و الرضا .. حين احتضان اللغة لها بكل أريحيتها و بلاغتها و تنميق صورها ، موائد اللذائذ من فاكهة المواسم جميعها و موسقتها في قوالب التقديم بانهمارات لغة لا تبخل في رسم حقائق الشعور بجمالية المفردة و الصورة و الاستعارة .. حداثة التجديد لسوق عكاظ اليوم و إضافة حتمية لضرورة المواكبة لهذا الرنين العصري.
- ما أهمية إعادة طبع أعمالك التي سبق طبعها في القاهرة؟
الأعمال لا تنتهي عند الطبعة الأولى ، بل لا تنتهي بانتهاء خالقها .. و تظل كذلك ما بقي قارئ راغب و متذوق و طالب ..
- هل تعتقدين أن للمسرح العربي خصوصية تميزه عن المسرح الأوربي الوريث الشرعي للمسرح اليوناني ؟
في فلك زمن دائر و متحول لا يمكن إيقاف عجلة التغيير حيث مغارب شمس أو مشارقها ، و تعميم ما كان على ما أتى أو حتى تلمس مفارقات و متشابهات ، و الحدث الزمكاني له أقانيمه الخاصة التي لا تجود بإمكانية التقريب .. لذا فالمقارنة تنأى عن حيثيات الممكن و المنطق .
- هل المسرح العربي بوضعه الراهن قادر علي حمل همومنا والتعبير عن مشاكلنا ؟
قد كان ولم يعد ، ضوضاء الإيقاع العصري أردته في الدرك الأسفل من سمو القيمة و التأثير ، ليصبح الهزل و الهرج و السطحية أعمدة قيامه التي تبنى على أساسها القيمة المادية التي حلت محل الرسالة الرشيدة ، كما أن صواعق القهر التي أقضت و تقض مجتمعاتنا العربية أحدثت ضرورة التنفيس عما يدور بهروب أصبح أسوأ من احتمال و تصبر بربما و لعل .. و لكي لا يكون في الإجابة إجحاف لتعميم الكل على البعض ، لا تزال في الصيحة العصرية ثقوب يتخلل منها ضوء هنا و إشعاع هناك .. و إنني أسمع منصتة بهدوء لحفيف يقظة تسعى لتدارك ما أفل لتعيد شيئا مما كان .
- ما علاقة المثقف والسلطة والمجتمع ؟ وهل تغيرت نظرة المجتمع للمثقف ؟
الوعي و الإدراك .. مأزق الخلق و صراع البقاء بين من يشرع أبواب سماوات المعرفة و من يغلقها ليستقر دوما حارسها الذي يأبى الإقتراب منها كي لا تهب ريح تكشف ما يريد ستره من عورات ، أو تقتلعه من مأمن تشبثه بذاك العطاء الدنيوي .. إذا فالصراع خلق منذ بدء الخليقة وسيبقة ما بقي مخلوق عليها... ولكنما المجتمع الذي زرع بذرة و سقاها بانهمارات سمائه يبدو مزهوا بالطلح النضيد ، و تسمق أبصاره المتأملة و الآملة لذلك الزرع الذي أينع و أثمر و ينتظر حصاده .
- كيف تنظرين لتجربة الشعر النبطي، وهل هي تجربة خاصة في بيئة أو مجتمعات عربية معينة أو أنه يمكن لهذه التجربة أن تعمم مستقبلا؟
هو النغم الشجي الأقرب و صولا و احتلالا لمكامن الروح البسيطة و الذي يغرق آتيه و عاشقه في لجج الشجن الماتع ، يجعل من إيحاءاته و دلالاته لونا ورديا مبهجا يعبد دروب التواصل العذب و يخاطب الذات بأريحية قد لا يصلها الفصيح منه ، لذا فإنه بالنسبة الشريحة الأكبر .. هو الأقرب .
- هل ترين مستقبلا للشعر النبطي في البيئات العربية الصحراوية يوازي مستقبل الشعر العامي المصري وما حدث فيه من تطور ونمو علي يد فؤاد حداد وبيرم التونسي مرورا بصلاح جاهين وسيد حجاب وغيرهم من شعراء العامية المصرية؟
ربما و ربما لا ...عودا على ما كان من أقانيم الزمن و المكان ما أثر في المسرح ، لا يبدو بعيدا على ما حل بالشعر نبطيا كان أم فصيحا . فما أثر بشكل سلبي أو إيجابي يوما ما من ماضٍ بعيدا كان أم قريبا ، لا يمكننا بالضرورة أن نتوقع حدوث تلك البروق العاصفة في زمن تبدل فيه كل ما كان لتصبح المستقبلات في إطار حداثة لا يليق باحتضان زمن راحل ، فلايكون للأثر مقر الاستقرار و التأثر .
- أين الذات الأنثوية الفاعلة في تجاربك الشعرية ؟
حاضرة دوما و أبدا منفعلة و ساخطة ، عاشقة و حميمة ، تقف في مفترق دروب لتجرب الاتجاهات التسع و تسعين ، هي الـ ( أنا) الأنثى الشفيفة و إن كانت عشتار تارة تموسق شغوار القوة و العنف و تارة تهيم بديموزي و ليل إنليل و روابي أوروك ، هي الشاملة القائمة في كلٍّ تراه في داخلها منعجنا بمشاعرها و تجلياتها و تراها فيه متدفأة بكل أسراره .
- هل لفواغي القاسمي عذابات شخصية تؤرقها كمبدعة أم هي العذابات القومية والوطنية التي يتردد صداها في إبداعك ؟
هي تلك الـ ( أنا) المنزوعة من شرنقة الشجن ، و الشاردة في فضاءات الريح .. لها بكل مرفأ حميم.. قصيدة و معبد .. تمردت على أغلال الإنغلاق و التقييد وسذاجة المظهر و المكانة ، لترحل حيث تجد ذاتها بين سراديب الألم والحزن و البساطة الماتعة ، بين أولئك الذين تجدها بينهم باختيارها وتستشعر القرب في نظراتهم الحانية ، و ثمة بوارق تلتمع في حنايا ذاتها حين يشاغلها الوجد بانهماراته العذبة ... ترتسم لها في كل موقف لوحة و لون ، وجدت نفسها فجأة محاصرة بقوالب مجتمعية مؤرّقة ، فبين أن تكون تابعة مخلصة لها أو متمردة تدرك معنى كيف أن تكون كما يجب فاختارت الأصعب .. و لا ينفي ذلك كون الحزن يرسم خارطته الذاتية في داخلها لينسج الشجن و الألم و النسيم الحميم .