عبد الحفيظ الجلولي
القصيدة ترسم للصياد(الشاعر) مجاله الدلالي المتناثر عبر الوحدة، المقهى ، القصيدة، القلب، الذاكرة
لكنها تحاصره بالبؤس، فلا يبقى له من حركيته الفاعلة "سوى ذكرياته الفاشلة"، واذا كان القصد الاول للفاعل افي كل فعل يمارسه على كشف صورته الخاصة به" كما يقول دانتي، فان الفشل او البؤس ـ كما اسمته القصيدة ـ قرّبه من عالم وحدته " وحيدا / في ليل حيرته التي لا تنتهي... / يرسم حلم التفاصيل التي لا تكتمل..، والوحدة عند هايدغر غير العزلة ، فهي.." تجعل حياتنا تجاور جوهر كل الاشياء.." والحقل الدلالي للواحق الوحدة في القصيدة يغير من سلبية البؤس، فيقلبه ايجابيا كما في "الحيرة" التي هي تعبير عن قلق المبدع كما يقول سارتر، ايضا "حلم التفاصيل"، "سماوات العروج"، " يعاود رحلة صيده"
الاصرار على اقتحام الخطوات دون وضع حدود النهائي، وهو ما يتناقض كلية مع قاموس البؤس..
ان هذا الشاعر البائس، يحرر موقفا وجوديا بمعنى هايدغري اصيل ، حيث الوجود عند هايدغر هو الكينونة ـ في ـ العالم، فيصبح العالم بعدا من ابعاد الانسان كما يقول ميلان كونديرا، وبالتالي يصبح الاخفاق مدعاة للانخراط في التغيير الذي يتلبس العالم فيتغير الوجود(الكينونة ـ في ـ العالم).وبالتالي ياشاعرتي الرائعة تكون " قصة صيد بائسة" تصفية حساب فاشلة، لان الشاعر هو عنوان القصيدة، التي لن تكون في الاخير سوى المرأة، ودلالات الانطلاق من السلبي لتثوير دائرة الايجابي في محاولة شعرية باهرة تتجلى في المقطع التالي:
يجدهن كما هن/ لتتشابه قصائده/ فلا يميزهن منهن..
تشابه القصائد المراد منه احتمالا، ادماج صورة ايحائة قوية للحبيبة لا تتحقق الا من خلال الصورة المجازية المتمثلة في القصيدة. فالعينان اضافت لهما الشاعرة صفة القحالة، دلالة على طلبهما الارتواء، حيث يستقبل القصائد(معين الارتواء) ـ والجمع هنا تكثيف لحالة واحدة قصد التركيز عليها باعتبارها مدار الفكرة الشعرية، والتي هي ترميز للمراة، والاقبال على القصائد المتشابهة يحتمل توسيع مجال المُفكَّر فيه، وبالتالي يترتب مفهوم الاحتضان، فذكريات السقوط التي تبقى عالقة في الذاكرة هي حبال الهوى التي لا تنقطع اواصرها ، والسقوط اغراق في التلاقي على عكس ما تريد ان توهمنا به القراءة الاولى للقصيدة.
بكل شغف الشعر/ عبد الحفيظ بن جلولي.