كتابات - وجدان عبدالعزيز
الشعر مساحة واسعة تجتذب الانسان الشاعر ، ليتخفى بين رموزها طارحا افكاره في الحياة كتساؤلات كونية ، واشكالية الطرح مرهونة باشكالية قاموس الشاعر من المرموزات ، فمنهم من يكون قريبا من البوح العلني هذا نخرجه من دائرة بحثنا الان ومنهم من يكون بوحه سلسلة متواصلة متداخلة لها علاقات سرية لا يُعثر عليها بسهولة ويسر ولم نستطعْ الوصول اليها الا بعد كد الذهن ومواصلة القراءات المتعددة وفي كل قراءة نكتشف علاقات اخرى يحق لنا تسميتها كاسرين بذلك توقعات الشاعر نفسه .. وهنا نثبت بان الشعر هو مجموعة من افكار ومباديء وصيغ يحاول الانسان الشاعر بودقتها ضمن قاموسه الرمزي ... والحقيقة ان صدق الشعر ما اخذ طريقه في مناطق الضعف وحتى لانقع في اضطراب الوصول نقول ان في الشعر مناطق مطاوعة ممكن ليها لايجاد دالة المعنى مثل المناطق التي اتخذتها الشاعرة فواغي صقر القاسمي ، فهي تبدأ بتساؤل في مناطق الشعر الرخوة (الحب )مثلا ..
(لماذا قسوتَ حبيبي علي ؟)
قد تبوح هنا ثم تبرر فكل اختفائي هو تأنق الانثى الجميلة بمشاعر الحب وصقلها بتوهج هذه المشاعر ثم تختفي تحت يافطة الامتلاك ..
(لقد كنت تدري
بان اختفائي بين السطور
وخلف قصيدة شعرٍ
وهمسة سحرٍ
جسور عبورك
انت لي !)
بعدها تختفي فواغي مرة اخرى كما هو الغواص ، لتبحث عن تجليات اكثر اشراقا واكثر اضاءة ، تتعكز على ذكرياتها ، لتطرز وجه الذات التي تبحث عنها الشاعرة ، وقد لاتصل الى اللآليء مرة واحدة انما على شكل مراحل من الغوص المتكرر ..
(كم للفواغي التي ضاعت بمنضدتي
ياقلب ذكرى بها غصت عناويني
مابين هذي وتلك العين حائرة
من ايها اليوم اغريها فساتيني)
ترى شفافية الاشياء واناقتها يتماهى بين جوانحها شيء من البوح السري ، بوح طي الكتمان لاخوفا ولا رهبة انما خلق مناطق اجتذاب المتلقي ووضعه قريبا من اطار الصورة ثم سرعان ما تتماهى الشاعرة في عوالم جديدة من رحلة الاستكشاف ..
(ساطفيء شمعي
واحزم امري
وارحل حتى يكون ابتعاثي
على عزف ليلي
ارتحال رياح القضا
والقدر)
وهذا الرحيل المقرون بالتأمل والمراجعة ولد فلسفة خاصة امتازت بها الذات الشاعرة في تعاملها مع الاهتمامات القدرية وتساؤلات كونية درجت على التعامل معها فلسفة العظماء في التاريخ ، والدليل هذا الصراع الذي تعانيه الشاعرة بقولها :
(صارعت في لجة الاهات بوصلتي
طورا توافقني ، طورا تعاديني)
وكأن البحث من خلال كؤوس الالام بين ضفاف العمر ، كناقوس خطر ينبه الشاعرة ، لانها ذات متوقدة فطنة في مساحة البحث كما هي في
(اليوم تصفر ريح الهجر نائحة
والبوم ينعق في ارجاء تكويني)
ثم تستدرك قائلة :
(ارحل ودعني لشأني لست آبهة
علي ارتب اجزائي ويكفيني)
وكأنما تقول المسؤولية هي مسؤوليتي انا
(فلا عهود الهوى والبين ثالثنا
تشفي الجراح التي جزت شراييني)
لان مساحة استنهاض الذات من مسؤولية الذات نفسها كما جاءت بها تقولات الشعر .. هكذا تبقى الشاعرة المبدعة القاسمي في مناطق الشعر الرخوة تغري القاريء اللبيب الباحث في مظان الكلمات وايضا القاريء العادي الذي يريد ارضاء ذائقته في كلمات العاطفة والحب .. وقلت مبدعة لانها استثمرت هذه المناطق لايصال فلسفتها الخاصة الى المتلقي الغير عادي واصيحت كيان فكري وليس شعري فقط ..