شاخت على كلِّ الدروبِ ربابُها
واستعصرت ألماً كساهُ ضبابُها
ينثالُ ملحُ الدمعِ يغرقُ سيحَها
ما أورقتْ من جدوليه يبابُها
ماذا ترومُ من المسيرِ وقد نأى
عن وجهةٍ حيرى فَضَلَّ صوابُها؟
لو أنها حسبت سعيرَ رحيلها
كم يصطليها فقدُها وعذابُــها
لتناثرت ورداً على القلبِ الذي
قد أُوصِدَتْ في عذرهِ أبوابُها
ولآثرت وجدَ المــريدِ عبادةً
يحــوي ترانيمَ الهوى محرابُها
يا صبحها المكسور ينزفُ ليلها
فتشـيبُ أسئلةٌ يَحــارُ جوابُـها
كم تشتهي تلك الكؤوس بلهفةٍ
ما لامسَ الثغرَ الشهيَّ حبابُها
ألَّا يفارق لـذةً لشــرابها
مُذْ خــالطَ الصهباءَ منه رضابُها
شوقاً إلى تلك المساءاتِ التي
حفلت بكلِّ شــرودها الـ ينتابُها
ينداحُ في الخدِّ النديِّ حرارةً
لـــون المغيب تظلِّه أهدابُــها
سعفاتُ نخلٍ إذ يداعبها الهوى
تسبي لُبَابَ العاشقين حرابُها
أصغت إلى وجعِ النحيبِ بصدرها
كصواعقِ المجهولِ كان مصابُها
وتلمَّست بشَغَافِ قلبٍ لم يزل
تشقيه من دنيا الهوى أسبابُها
فرنت إلى المجهولِ تنسجُ حزنَها
كعبـاءةٍ لــفَّ الأنينَ غرابـُـها
كانت كنوَّارِ الربيعِ بغنجها
واليوم تنزفُ بالمواجعِ غابُها
ذبُلتْ بدوحِ الرَّوضِ بسمتُها التي
يشجي تقاسيم الجوى إطرابُها
رحلت تجرُّ الصوتَ من شفةِ المدى
ما عاد يُجدي في الرجوعِ عتابُها