أيا سائلي عن شحوبِ المساءِ
وصمتِ الليالي،
فكيف أجيبُ
وقيثارة الروح تعزف حزني،
تبعثرني في أجيج الرزايا
فتسكبُ سُمَّ النحول بقلبي
ليغدو الفضاءُ خواءً
وكلُّ المحاسنِ تغدو خطايا..
ووحدي أُرتِّب أجزاءَ كَوْني،
أداري حنيني بظلِّ النوايا
فأسقط في جُبِّ ذكرى
تعيد إليَّ الشريطَ القديمَ،
لقاء البراءةِ
خلف الفناءِ الأنيقِ الفسيحِ
بيوم حميمٍ همَى في الشعورِ
ربيعاً خفيّاً
لتنبتَ سوسنةٌ من عبيرٍ
فتنمو وتكبر بين الحنايا..
ومرت سنون افترقنا كلانا
ولم ندرك العمر يعدو بنا
كعدْوِ الأيائلِ فوقَ السُّفوحِ،
ودرات طواحينُ ذكرى لقانا
ضجيجاً يهُزُّ بجذعِ الزمانِ
ويرعشُ ثقلَ احتمال الصبايا..
وذات مساءٍ
على غفلةٍ من عيونِ الرقيبِ
التقت نظرتانا
وما كان ذاك الفناءُ القديمُ،
كبرنا.. وما عاد ذاك المكانُ
ولكنَّ ذكراهُ ما غادرتنا،
فعادت تحومُ بنا من جديدٍ
تؤججُ ذاك الشعورَ الحميمَ
وتفضحُ سراً نما في الخفايا..
أتعلم أني نسيتُ أنام!!
جلستُ على ضفَّةِ الوقتِ أرنو انثيالَ الظلامْ،
فأسمعُ بين دبيبِ الثواني
أنينَ السواقي
وسحرَ الحكايا،
وأشعلُ حزني شموعاً تضيءُ دهاليزَ قلبي،
وأصلبُ صبري بكلِّ الزوايا
أعدُّ احتضاراته من جديدٍ
على مذبح الشوق بين الضلوعِ،
يجوسُ شريداً ربوعَ الخلايا..
أراك بدمعِ الشموعِ تذوبُ
وترقبُ طيفاً يجوب المرايا
فتسأل ذاتك في حيرةٍ: ترى من يكون؟
فهلاَّ تيقنت أنَّ الحنينَ سميرُ الشموعِ
وأنَّ الطيوفَ انعكاسُ الشجونِ
وما كان طيفُ المرايا سوايا