
خطَطتُ حرفي ونيرانُ الأسى حممُ
لا البردُ يطفئُها، لا الغيثُ، لا العَرَمُ
فالدمع يجري مداداً من لظى ألمٍ
ولوعةُ البعدِ والأحزانِ تحتدمُ
قد عاجلتنا سهامُ الغدرِ ناقعةً
جور الذي هو فينا الخصمُ والحَكَمُ
حقُّ الكريمِ غدا للغاصبين هوىً
فالصبحُ محتجبٌ والليلُ محتكمُ
العقلُ يعجزُ عن إدراكِ راجفةٍ
وفي المحاجرِ جفَّ الدمعُ والحلـُمُ
لقد هجرنا رياضَ الدارِ جُنحَ دُجىً
من بعد كيدٍ وقد بيعت به الذممُ
نطوي دروباً عفاها الأمنُ مقفرةً
وفي الحنايا جراحُ القلبِ تضطـرمُ
وقد ثوت مُهَجُ الأطفالِ في حزَنٍ
حتى تحجَّرَ في أحشائهم ألمُ
ففي العيونِ سؤالٌ لا جوابَ له
وفي الشفاهِ يُغَصُّ القولُ والكـَلِمُ
ضاقت علينا تخومُ الأرضِ قاطبةً
قد أنكرَ الأمنَ فيها السَّهلُ والأكَمُ
فدتك خالدَ أرواحٌ وأفئدةٌ
قومٌ على العهدِ ساموها وما ندموا
ثكلى ببعدك جلفارٌ، فوا أسفي
أن يحكم العُرْبَ في أوطانهم عجمُ
يا ابن الأصولِ سليلَ المجدِ، يا علماً
أنت النجيبُ بنورِ العلمِ تتَّسمُ
يا من حويتَ خصالاً عـزَّ حاملُها
فيك التقى أنبلُ الأخلاقِ.. والقيمُ
فخرُ العروبةِ، أنتَ الشَّهمُ فارسُها
سيفُ المنايا على من ساقه أضمُ
فكم ركبتَ بحوراً لا أمانَ لها
سعياً إلى الخيرِ والأمواجُ تلتطمُ
فتسبرُ الغورَ من إلهامِ منفتحٍ
تلقي المراسيَ حيثُ القاعُ يحتدمُ
وتبصرُ الأمرَ من أنظارِ مُقتــدرٍ
فيسكنُ الهولُ في مثوىً وينعدمُ
سلطانُ عزكَ في العلياءِ هامتُها
أنت الحكيمُ الذي تُجلَى به الظـُّلَمُ
يا ذا العزيز على نفسي وآسرَها
مثواك في القلبِ لا يسخو به القلمُ
ما قيسُ في العشقِ إلَّا بعض صورتنا
مما أفاضت به من شُهدنا الدِّيَـمُ
شاءَ العداةُ لنا أمراً يفرقنا
ساءَتْ مكائدهم، بل ساءَ ما وهموا
الناعبون كبومِ الشُّؤمِ ديدنُهم
قلبُ الموازينِ إفكاً، بئس ما زعموا
إنَّ الحسودَ وإنْ هاجَتْ ضغائنهُ
يوماً تُردُّ على أنفاسه الحممُ
لو أنطقَ اللهُ هذا الكونَ أجمعه
لما تردَّدَ في إنصافنا قسمُ
إنَّا لأنبلُ من تسمو مثالبهُ
عن الصغائرِ، فيما غيرنا عدمُ
وأننا خيرُ من رامَ العُلا وطناً
وفي الخلائقِ من تزهو به القيمُ
أنشدتُ شعري لمن بالقلب مسكنُه
علِّي أُعبِّرُ عن حبي وأختتمُ