ويسألني الماءُ عني وعنك
وكيفك أنتَ؟
فماذا أجيبُ
وكيف أقلِّمُ حزناً تراكم بين الشغافِ
وروحي تراودُ بعضَ النثيثِ
لتطفي لظاها
لأخفي ملامحَ ذاك الشعورْ.
ولكنَّ غابةَ صمتي الكثيف
تعبئني في فراغ الظنونِ
كجدولِ ماءٍ
تشقَّقَ في ضفتيه اليباسُ
وأمحل من شهقةٍ للزهورْ.
يسافرُ شوقي إلى حيثُ أنتَ،
إلى ظلِّنا المستجيرِ
بأهدابِ نخلةِ أسرارنا،
إلى سربِ ذاك اليمامِ الذي
يردِّدُ في الفجرِ أشعارنا،
إلى شرفةِ الحبقِ العاطرة،
وسحر العبيرْ.
أتعرف ماذا؟
رأيتك بالأمسِ تأتي إليَّ
تجرُّ سحاباً من الأغنياتِ
كغرناطةٍ في ليالي السحر
وشدو السميرْ.
وصوتُ اللُّحُونِ
يسيلُ طروباً
من الطرقاتِ، من الشُّرُفاتِ،
وأنَّ كلينا
على ذات مقهىً قديمٍ قديمٍ
وأنَّ ابن زيدون كان هناكَ
وولاَّدة
وزرياب في حُلَّةٍ من أثيرْ.
رأيتُ ملامحنا في المدينة،
نقوش تزين جدرانها
وأشعارنا
قصائدنا الظامئة
تطوف بنا على صفحة النهر في الأندلس،
يعمِّدنا الماءُ في نشوةٍ
بضوءِ انهمارِ النجومِ
يعانقُ وهجَ انسكابِ القمر،
على وقع ترنيمةٍ للخريرْ.
أتعلم أن مرايا الغديرِ
تراني.. ترانا
فأيُّ انعكاسٍ لذاتي
وأيُّ انعكاسٍ لذاتٍ تراكَ
فما كنتُ إلاَّك فيها بحزني
وما كنتَ إلاَّي فيها
تخبئ في مقلتيك الغيابَ
وتسدلُ فوق أنين النوافذِ
صمتَ الحريرْ.
تمهَّل.. فدونك في البعدِ موتي
ودون انتهائي صهيلُ الهجيرْ