ولولا ثلاثٌ يقتسمن صواعقي
لتاهت خُطىً مـمَّا يليها وما عدا
حـريقٌ ينزُّ الجـرحُ منه صبابةً
وسترة أيوبٍ من الصبر ما ارتدى
ولكنْ.. بروقٌ في متاهةِ غربتي
تُبدِّدُ ما اعتلَّت به عتمةُ المدى
ألا فاسألوا عني الدِّيارَ بربكم
لَكَمْ خانت الأقدارُ دربي فما اهتدى
أعبِّئُ نجوى الليلِ في طيفِ سامرٍ
ينادمني من همسِهِ راجعُ الصدى
وتسري بيَ الآهاتُ وهي كسيحةٌ
فيعصف بي وجدٌ به الحلمُ شُيِّدا
أهادنُ في صمتي حرابَ مواجعي
فتفضحُ أفنان الهوى منه ما بدا
أبُثُّ لها الشكوى بـــ ياليت والمنى
وبالأملِ المعقودِ في شهقةِ الندى
حنانيكَ يا من في الضلوعِ مقامُهُ
لقد أضرَمتْ ذكرى بعادكَ موقدا
فأضحت مهاميزُ الفراقِ بمهجتي
تؤجِّجُ سرّاً ما استكان ليَخمُدا
لنحيا بريعانِ الهوى وارتحاله
يؤرجحُ فينا الشوق من حيثُ ما ابتدا
فلا تجعلنَّ النأيَ يحرُثُ وصلَنا
فكم ضوّعت فيه المقاديرُ موعدا
لترسو على برِّ الغرامِ شراعُنا
وتجرفُ بالتيارِ كيداً وحُسَّدا
فإن كان في عُمري لذاكَ بقيةٌ
رهنتُ لها قلبي إلى موعد الرَّدى
نقشتُ على الأيامِ شِعري بعَبْرةٍ
تسوقُ حشودَ العاشقينَ إلى الهدى
لنا الحبُّ نيسانُ الفصولِ وزهرُه
وأنغامُ عزفِ العندليبِ بما شدا
وما العمــرُ إلَّا قاحـلٌ بغيابهِ
يـبَابٌ به عاثَ الصقيعُ وبـدَّدا
تطوفُ بنا الأيامُ وهي رتيبةٌ
تراودُ عن أفراحنا أمسِ أو غدا
فعِشْ حاضراً في جنةِ الحبِّ كونه
لريعانِ قلبِ المرءِ في العمرِ سيِّدا
فلا أورقت في غربةِ الهجرِ دوحةٌ
إذا ضاعت الأحلامُ في غابـِها سُدَى