وترحل أيها الثاني عشر بعد الألفين تجر أساك و تترك مآسيك – ترحل من باب خلفي تتعثر برماد الأيام .. تورمت
رئتاك من زفرات المظلومين و آهات المعدمين و المشردين .. تكتظ أشداقك بأرواح الشهداء و الأبرياء .. تخوض قدماك في برك الدماء..
لن نحزن على رحيلك كما حزنا على رحيل شقيقك الأكبر.. ذاك الذي هلّ علينا بسلال البشائر و هتافات الحرية و أقمار الانتصارات..و حين رحل كان يكنس بقايا أوبئة وهياكل عفنة تحجرت عقودا.. ترك لنا ابتسامته في صحن الدار و أغلق الباب خلفه … رحل بجراب يكتظ بذكريات النصر و سنابل الفرح و أهازيج الأعياد..
أما أنت أيها الثاني عشر فلا ذكرى طيبة نزرعها لك في أصص القلوب لتزهر وردا و ياسمينا .. تسللت في فلكنا الزمني كلص يقتنص الفرحة و شرير يقتلع الأرواح و مارد يجوب في الخراب..
غدا نصافح الثالث عشر .. و يا لشؤم هذا العدد المسحور المقترن بالنحس ! فهل تتحطم قاعدة السواد اللزج و تتسلل شآبيب النور من ثقوب العتمة ..! ترى أتحتشد الأفراح من جديد على روابي الأمل و تجف أنهار الدماء و يصمت أنين الخرائب ..
لن نتقارع كؤوس الأمنيات العريضة معك فقد تقلصت كثيرا جدا و لكن ما بقي منها أثقل من الجبال - كل ما نتمناه اليوم أن لا نرى مزيدا من الدم العربي و الإسلامي يراق فداءا لأنظمة و مصالح ... أن نقرأ خبرا مدهشا في صباحك الأول.. خبرا لا يأتي سوى في أحلامنا المرهقة - نقرأ سلاما على أوطاننا المكلومة ..
فلا نرى صورة رأس طفل انفصلت عن جسده أو رغيفا ملطخا بالدم .. أن لا نرى خيمة مزقتها أعاصير الشتاء و طفل يرتجف من البرد ثم يتساقط بلا روح … أن لا تغرق الدموع كوكبنا و لا يقتات الموت على أرواح أطفالنا.. أنا لا نرى هياكل تتحطم في سباقها على حفنة قمح .. أن لا يملأ رماد الخرائب سمائنا و لا يحجب البارود ضوء الشمس... أن نسمع حفيف الأشجار وتغريد العصافير و خرير الأنهار...لا أنين اليتامى و نواح الأرامل و الثكالى ...أن نشم رائحة التفاح و البنفسج لا رائحة الموت و المقابر... أن ترتفع أصوات المآذن و أجراس الكنائس لا أصوات القنابل و دمدمة المدافع و أزيز الصواريخ …
نتمنى قليلا من الفرح .. قليلا فقط أيها الثالث عشر … فهل تمنحنا إياه ؟