يا سماء الرب غسلينا
ميلاد الإنسان ... تجدد البداية أم تحريض النهاية ..! باء بداية التكوين و انفجار الكون من العدم ... هل نكون نقطتها ! نقطة لا تعني شيء أو ربما هي سر الأشياء .. تشكلت في نهاية النهايات بعد عمر من مليارات السنين .. نقطة الاشتهاء و الانتهاء ... دورة متداخلة متجددة بتجدد الألم و الأمل ... الفرح و الحزن .. اشتراك و افتراق ...تشابه ولا تشابه ... اختلاجات ملتفة و بغموض السرية متغلغلة و ملتسبة فينا ...تسقطنا في تعاريج الحياة المترنحة صعودا وهبوطا ..ثم هبوطا فهبوطا فهبوطا ... فصولنا الأربعة ترتسم بكل تفاصيلها ... لغيرنا و ليس لنا ..! فنسائم ربيعنا وضوعه لسنا نحن من يستلذ بها و ثمار صيفنا يقطفها الآخرون ... أما عري خريفنا يسقط علينا اللعنات من كل حدب و صوب ... و رياح شتائنا يقتات صريرها على فوات الأمل و صخب التشهير... متى يدرك الآخرون بأن تلك الأغصان المتجردة من أوراقها و الصامدة أمام رياح أيلول و تشرين تعلمنا كيف يكون التحدي و أن أوراقها المتلونة التي تفترش الأرض ترسم لوحتها السوريالية المتناغمة مع ذواتنا التي لا ندرك كينونتها أو صيرورتها ..! ألا تتعرى تلك الأشجار من أجل إغراقنا بالجمال ... هل نستطيع أن ندرك فلسفتها ...! و بياض شتاء فصولنا ألا يعكس لنا كيف يتدفق الأمل من الألم ..! لماذا نبحث حينها عن نارٍ نسطلي بها ثم نبحث عن من يطفؤها فينا ... دائما ندور في ذات الحلقة الدائرة فينا و علينا ... فأين بداياتنا و أين نهاياتها ...! ومن رسم لنا معايير الجمال و القبح ...! المرغوب والمرفوض...! الحلم و اليأس ..! و أي من تلك الأشياء هو الأجمل ...! نقطة البداية الفطرية هي ذاتها نقطة الانتهاء الفطرية أيضا , لكن مع فارق بسيط ... أنا أضللناها فضلت مسلكها ... و أسبلنا عليها خطايانا و أغرقناها في شتات الغربة التي تسكننا و المتسمة بالألم برغم تجدد الفصول الأربعة ... قطّعنا أوتار قيثارتنا إلا وترا ...ذلك العازف الحزين الذي يتلوى كأفعى الحاوي التي تتشكل حسب الوهم ... و من ثم نعيشه ..!!
يا سماء الرب ... اغسلينا بالثلج و البرد حتى نعيد تشكيل حروف الألف و اللام و الميم ... لا حسب الاشتهاء بل كما يجب أن يكون الانتهاء ... حينها ... و حينها فقط ستُفتح لنا بوابة الإشعاع السرمدي التي توقدنا شموعا تنيرنا قبل أن تنير ظلمات غيرنا ... فتتجلى حقيقة الأشياء أمامنا كما ينبغي لها أن تكون لا كما أردناها أن تتكوّن ...! و يكون رحيلنا منا و إلينا و فينا ... هو رحيل في عالم غير متجلٍّ ظاهريا بل متجسّد روحيا و فكريا... حيث العبور مستشرق بانصهار الذات و انتشاء الوجدان و الوصل الأسمى ...!
و قبل أن أودعكم و أستودع فيكم الأمل و الحب ... أضع هنا بينكم هذيان ليلة رأيت فيها كيف يكون اجترار العمر في عيد الميلاد ... تشاؤما كان أم حقيقة ... أرى أن جُلّهُ إن لم يكن كله ... هو حال جميع البشر ... فهل ستتفقون معي ..! ربما لا ... لكن أطلب منكم لحظة صمت لاستعادة شريط الذكرى و الأيام و التجوال في دروب العمر المتعرجة لكل من نعرفه بشكل شخصي أو نتعرف عليه من خلال الأخرين ... ربما وجدتم فيما أقوله الكثير من الحقيقة المختبأة تحت ستار الزيف ... ويهرب منها الجميع ...وفي لحظة شجاعة مواجهتها نقول :