الجميع يجمع على محاربة داعش
أمريكا تحشد العالم لمحاربة داعش
دول الخليج العربي على ضفتيه قلقة من تعاظم دور داعش
جميع المنظرين و المحللين يحذرون من خطر داعش
من هي أو ما هي داعش وهل هي خطر حقيقي يمكن محاربته
كيف نشأت دولة داعش وتعملقت بهذه الصورة المخيفة و السرعة الصاروخية
دعونا نتذكر هذا القول ونقيس عليه :
حين تشير بإصبع إلى شخص تنتقده لا تنسى أن هناك ثلاثة أصابع تشير إليك
داعش ليس سوى فكر ديني متشدد تشبّعت به مجتمعاتنا العربية و الإسلامية.
تمت رعايته و سقايته حتى نمى وكبر وشب على الطوق فأنتج جيلا يفتقر إلى ملكة التقييم والتمييز والاستيعاب الصحيح للدين.
الإحباط و التراجع الفكري و الضحالة الثقافية و قمع الحريات وشظف العيش وانحدار المستوى التعليمي عوامل ساعدت على اعتناق الفكرالداعشي
وهي تعيش في دواخل النفوس البشرية في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية ككائن صامت
داعش لا تحتاج لفتح "الأمصار" لتفرض وجودها ولا تحتاج لجيوش لتفرض سلطانها
يكفيها نداء يستثير حمية المتعاطفين معها ليكون لها جيش من "المؤيدين" يستطيع هزيمة دول بجيوش جرارة
داعش ليست سوى نسخة محدّثة من القاعدة ، مات بن لادن و لم تمت القاعدة
ومن أفغانستان نظّر بن لادن فانتشرت القاعدة في أصقاع العالم، رآها الكثيرون طريقا للخلاص من الإحباط واليأس
ومن بغداد نظّر أبو بكر البغدادي و تردد نداؤه في جميع أصقاع الأرض فاعتبره الكثيرون "المخلص"
فمثلما القاعدة لم تنتهي بالضربات الأمريكية و الإجماع العالمي على محاربتها كذلك هي داعش لن تنتهي بالضربات الأمريكية والحشد العالمي على ضرورة التخلص منها.
تستطيع أن تهزم المادة و لكن من الصعب أن تهزم الفكرة.
أمريكا ومن خلفها العالم يسعون إلى محاربة الإسلام على أرضه بخلق مثل هذه التوترات بعد أن تأكد لديهم سهولة إيقاظ ذلك الكامن الذي ساعدت بل عملت على زرعه بأساليب مختلفة ابتداء من التعليم و ليس انتهاء بالعولمة وما شابهها.
كانت تراقب نموه وترعاه ليوم معلوم لديها ومجهول لدينا
داعش لا يمكن محاربتها بالجيوش لأن الفكرة لا يهزمها جيش – وعلينا أن نعرف أين نصل إلى ذلك الكامن ونعمل على ترويضه و هذا لن يأتي إلا بإصلاح المجتمع ككل.
من الخطأ الاعتقاد أن القوة بإمكانها عمل المعجزات فنحن في عصر أصبح مفهوم ومعيار القوة مختلف عن أزمنة سابقة
إن التحالفات السياسية و العسكرية مع قوى الاستكبار العالمي لن تستطيع ردع قوة انتشار الفكر بل العكس من ذلك ستكون المحرك الرئيسي لإيقاظ ذلك الكامن الداعشي بكامل قوته و رفضه
ليست هناك حلول سحرية تأتي في لمح البصر لتمحو ما تم تأصيله عبر عقود من الزمن بوعي و إدراك أو بدونهما – لكن يجب عدم التمادي في هذه الغفلة المتعمدة اليوم.