يمرّ قطارُ العُمر ِ سَريعاً , و تتدافعُ الأيامُ إلى المجهول ِ ..
و ما مِنْ أحَد ٍ يعْرفُ أينَ يَختبئُ الزمَنُ و لا كيفَ تتساقَطُ الأيامُ
و تظلّ الذّكرَياتُ الجميلة ُ كنُقوش ٍ غرَسها التّاريخُ
في أرْوِقَة ِ الأحْداث ِ و في ثَنايا فَئ ِ العُمْر
وتتـَقلّبُ بينَ عجَلة ِ الزّمان ِ و عجَلة ِ الإنسان ,
فتارةً يُدْرِكُهُ الملَلُ فيتجاهَلها
و أحيانا ً تتدلّلُ عليه ِ بِغُنْجِها وسِحْرِها فلا يقوَى على تجاهُلِها
وتصْنَعُ بينَها و بينهُ عُذوبةَ الالتِصاقِ وشاعِريّةِ الوجْدانِ
تُطِلُّ الحياةُ في الجسدِ المفْطورِ على حُبِّ الدُّنيا
مُساقَة ٌ إليهِ مَسْلوبَةِ القرار ِ… وتَظلّ تُصارعُ معهُ الأهْوالَ و السّعادة ْ ,
تَحْتَضِنُهُ و يَحْتَضُِها … يتَعانقان ِ و يتخاصمانْ
يتّفقان ِ و يختلفانْ … تثورُ عَليهِ ويَثأرُ منها
يضَعان ِ العَراقيلَ لبعضِهما و يَصنعان ِ المقالبَ الباهِتَ
و تُسيّرُهُما الأقْدارُ حيثُما أرادوا أوْ لم يُريدوا
لا شئَ يمنعُ القَدَرْ مِنْ تذْييل ِ صَفْحةِ الحياةِ بإمْضائهِ اللذيذ ِ أحيانا ً
و المُخيفِ في أغلبِ الأحيانْ
و ينتهي به ِ المطافُ إلى المآلِ المكروهْ
ليَسْتَلّ سيفَ القضاءِ و يَفترقُ اللصيقانْ
لا يمكنْ للإنسانِ أنْ يأتي بلحْظةٍ وينتهي كما بَدأ
فكما يَنْفَلِقُ فَجْرُ الإصْباح ِليَنْشُرَ إشْراقاتهُ على مَتاهاتِ الكوْنِ
و تتَسَارَعُ الشمسُ المضِيئةُ في سِباقٍ مع الوقتِ لتُؤدِيَ واجبَها
و ما هيَ إلا سَاعاتٍ حتى تتداركَها لحظةُ الغيَبوبةِ
التي تَرْحَلُ بها بعيداً خَلفَ النهارِ و خلفَ اليَوم
لكنّها تكونُ قد أسْتَحَثّتِ الخُطى في انجازِ مُهمّتِها
فَخَلّفَتْ ما أرادتْ أنْ تَخَلّفْ و أعانَتْ بقدرِ ما قُدّرَ لها أنْ تُعينْ
وتَركتْ أثراً لتعودَ و تبحثُ عنهُ شمسُ صَبيحةٍ أخرى لتُكْمِلَ الطريقْ
و هكذا تَظلّ دائرة ِالحياةِ بلا ابتِداءٍ و لا انْتهاءْ
تماما ًكما خَلقَها اللهُ و جعلَ بدايتَها سِرّهُ و نهايتَها سِرّهُ أيضا
و جعلَ فيها مِنَ الأكوانِ مالا تَبْلُغُ مَدارِكَه المخْلوقات
هَبط َ آدمُ بخطيئَتِهِ على الأرضِ و سَعَى فيها
أدْركَ بِوحي ِ الخالق ِ أنّهُ وذريَتَهُ مَنْ سَيُعَمّرُ هذا الكَوكب ِ
الذي لمْ يكُنْ أبدا ً يتمنّاهُ
دأبَ على اسْتيعاب ِذاتِهِ و مقدرَتهِ ... حاولَ الانْصهارَ في أقْدارِه .
احتمى بظلّ الرّحمةِ و اسْتَنارَ بهَدْيِ الخالِق
كانَ مُوقنا ً أنه ما أتى إليها إلا بِقَدَرٍ مخْتوم ٍفي اللوْح المحفوظ
ليبدأ في إحْياءِ الأرضِ و إحياءِ الروحْ
أمرٌ إلهيٌ لا يحتَمِلُ التّجْديفَ و التأويلْ
تكليفٌ ربانيٌ مقدّسٌ ... عبادةٌ أورثها أبنائَه و أحفادَه
هكذا اسْتَمَرّتْ طاحُونةِ الزمانْ ... تتناوبُ عليها الأجْيالْ
أدوارٌ يُسَلمُها السّلفِ للخَلَفْ ... مِنْ بِدءِ التّكوينْ إلى يوم ِ الدّينْ
وحيثُ تنطوي صُحُفِ الأيّامِ والسنينْ
تنتصِبُ الآثارُ شامخةً تتحدّي نَواميسَ الطبيعة
تحْتضنُ تُراثَ الزمَنِ الغابِرْ ...عِبْراتٌ للمُستقبل ِو الحاضرْ ..
ويظلُّ ما تخطّهُ أنامِلُ البشرِ عُنواناً ساطعاً في صفحاتِ الزمنْ ....