لقد بدأت البنوك فعليا باتخاذ إجراءات ضد حزب الله تحسبا لعقوبات مالية قاسية لم تفعّل بعد
جميع من شاهد أمين عام حزب الله، حسن نصرالله في خطابه المتلفز يوم الإثنين بعد يوم واحد من قيام اسرائيل باغتيال سمير القنطار في دمشق وكان متوقعا أن يستمع إلى خطاب مطول وعاطفي
يمتدح فيه مقتل الناشط .. لكنه أصيب بخيبة أمل.
لقد خصص نصرالله أقل من نصف خطابه للرجل، الذي استُقبِل استقبال الأبطال إثر إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية في العام ٢٠٠٨. مكتفيا فقط بسرد حكاية واحدة حينما كانا معا ومتوعدا بردة فعل في الزمان و المكان الذي يراه. وبالنظر إلى ردة الفعل هذه فإننا نستحضر ردة فعله القوية في شهر يناير ٢٠١٥ عندما قامت اسرائيل باستهداف قافلة مشتركة بين حزب الله و إيران بالقنيطرة بسوريا.
بدلا من التركيز على موضوع سمير القنطار ، ظهر اهتمام نصر الله واضحا في خطابه عن القانون الأمريكي الجديد الذي أقرّه الكونجرس الأمريكي و آعتمده الرئيس أوباما يوم الجمعة الفائت حول تشديد العقوبات الأمريكية على حزب الله أو أي منظمة تابعة له أو أفراد ينتمون إليه و أية مؤسسات مالية في أي مكان حول العالم تقوم بتسهيلات مالية لصالحه . ووجه نصر الله خطابه للدولة اللبنانية بقوله " كونوا رجال" وذلك برفض الامتثال لهذا القانون مدّعيا في الوقت ذاته بأن حزب الله لن يتضرر من ذلك القانون على الإطلاق لأن الحزب لا يمتلك حسابات بنكية سواء في لبنان أو غيره
ولا تحول إليه أموال عبر المصارف اللبنانية كما أنه ليس لديه شركات أو شركاء في أية شركات كانت لبنانية أو غير لبنانية
سواء كان ذلك صحيحا أم لا ، فإن الاقتصاديين يشككون بشدة في صحة هذا الإدعاء ولا ينطبق بأي شكل من الأشكال على أعضاء الحزب أو المنتمين إليه. و قد ذكرت جريدة السفير اللبنانية، التي تعتبر من الصحف التي تتعاطف إلى حد كبير مع حزب الله، أن البنوك قد بدأت بالفعل باتخاذ إجراءات ضد أعضاء بحزب الله بمن فيهم أعضاء بالمجلس النيابي، مضيفة أن أحد البنوك الكبيرة بالدولة حاول الشهر الماضي إغلاق الحساب الجاري لأحد النواب المنتمين إلى حزب الله والذي يتلقى فيه راتبه الشهري ، الأمر الذي دفع برئيس المجلس نبيه بري إلى التدخل المباشر و توجيه تحذير شديد اللهجة إلى البنك مشيرا إلى أن المقاومة ستضطر للدفاع عن نفسها ضد أي شخص يحاول مواجهة أعضائها. وتشير الصحيفة إلى أن هذه واحدة من حالات أخرى مشابهة
يقول قاسم قصير، وهو أحد المحللين لدى حزب الله و عمل سابقا بقناة المنار الفضائية التابعة للحزب، أن العقوبات سيكون لها تأثير كبير على الأفراد و المؤسسات المقربة من حزب الله حيث
سيجد كل شخص سواء كان منتميا بشكل رسمي أو غير رسمي إلى حزب الله أنه أمام قيود صارمة بخصوص الأعمال و الأموال مما يخلق وضعا صعبا للغاية.
في الحقيقة أن قناة المنار ذاتها خصها الكونجرس بالقانون الجديد حيث تشملها العقوبات نظريا وعمليا بمعاقبة أي مصرف يقوم بفتح حسابات لمرتبات موظفيها أو يتعامل معها من خلال التحويلات المالية التي تصلها .ويقول القصير أن قناة المنار اتخذت احتياطاتها منذ زمن طويل تحسبا لحدوث مثل هذا الأمر ولكنه لم يعطِ تفاصيل حول هذا الإجراء.
يقول أحد الاقتصاديين ، إن القناة ستضطر إلى دفع مرتبات موظفيها نقدا أو بأي طريقة خارج النظام البنكي كإحدى الوسائل التي تمكنها من الالتفاف حول هذا القانون.
يقول توماس شيلن ، المحرر الإقليمي لمجلة " إكزيغتيف بيزنس ماغازين" أن نسبة المتعاملين بالبنوك بين الأفراد في لبنان ليست مرتفعة في جميع أنحاء لبنان و يمكن للناس العودة إلى النظام .القديم في الدفع و الذي لا يتضمن البنوك
ويقدر شيلن هذا الاقتصاد غير الرسمي بين ٢٠٪ - ٣٠٪ من مجموع الاقتصاد اللبناني و يرى أن هذا هو الملجأ الرئيسي للحزب للتهرب من العقوبات الجديدة. ويقول إن الولايات المتحدة اتخذت سابقا العديد من القرارت ضد المؤسسات التابعة لحزب الله و في كل مرة تزيد حدة تلك الإجراءات مما يحعل الأمور أكثر صعوبة على الحزب لكنها لم تتخذ قرارا جازما وبشكل قطعي حتى الآن.
غني عن القول أن للحزب وسائله الخاصة في ثني المؤسسات عن تطبيق قرار العقوبات بشكل كامل ، وذلك ما ذكرته جريدة السفير بوضوح و أشار إليه كذلك نصر الله في خطابه يوم الإثنين مذكرا الجمهور بقوله : “ أنا لا أطلب من الدولة اللبنانية أو أي من مؤسساتها حماية حزب الله أو سلاحه أو أمواله .. نحن نعرف كيف نحمي أنفسنا"
٢٤/١٢/٢٠١٥
مترجم من : الإعلام الآن
https://now.mmedia.me/lb/en/reportsfeatures/566413-why-a-new-us-law-has-nasrallah-riled