المختار الثقفي لمن يجهله هو صاحب الشعار القديم الجديد " يا لثارات الحسين"و الذي لا يزال العالم الإسلامي حتى اليوم ينقسم قسمين بسبب هذا الشعار. شخصية اختلف على التعريف بها الشيعة و السنة فحين يراه السنة كذابا وكاهنا منافقا ودعيّ طالب جاه اعتمادا على الحديث النبوي "«إن في ثقيف كذابًا ومُبِيرًا» وترى أيضا أنه استغل كارثة مقتل الحسين ليجمع الأعوان في حربه ضد قتلته . واجتمعت له قبائل شتى ليس حبا فيه وإنما ثأرا للحسين
أما الشيعة ، فيرونه المخلص الذي انتقم لقتل الحسين – ويصوره المسلسل الإيراني بالبطل المعجزة .. يخترق السهم قلبه فيكسره ثم يرده على قاتله فيقتل الآخر بينما هو يتحامل بقوة على الجراح وتنهال عليه الحراب وهو صامد يقاتل ويقتل ولا يموت إلا حيث شاء في محراب علي "رض"
أما ما اتفقت عليه الروايتين السنية و الشيعة فهو نزول الوحي عليه ولكنهما اختلفتا في التفسير فاعتبرها السنة إفكا وافتراء واعتبرها الشيعة من الكرامات!
هذه الشخصية المعجزة لا نشاهدها سوى في أفلام هوليوود التي تصور البطل الأمريكي بالشخص الذي لا يُقهر و الذي يتحدى الموت و الصعاب و ينتصر . لقد اعتمدت أمريكا في غسل أدمغة العامة بمثل هذه الأفلام حتى أصبح الشعب يؤمن بتفرّد البطل الأمريكي الذي لا يقهر وبالتالي تميز أمريكا عن باقي دول العالم
مما لا شك فيه أن المسلسل الإيراني يعتمد على الروايات الموروثه من التراث الشيعي ويضيف المخرج عليها ما يراه من تشويق وبما يناسب الرؤية القومية الإيرانية . فما تمارسه إيران اليوم في خطتها للسيطرة على العالم الإسلامي هو اجترار للتاريخ و تكرار تجربة المختار الثقفي و الجديد أنها تستخدم اليوم سلاح العصر الجديد فهي تقوم بأدلجة مصلحتها من خلال تجييش عواطف المؤيدين وإلباس المزيّف رداء الحق زورا وبهتانا باستخدام الشاشة فتدخل من خلالها كل بيت.
مثل هذا النوع من غسيل الأدمغة عبر المسلسلات و الأفلام هو أنجع وسيلة استخدمتها الصهيونية العالمية بالأفلام الهوليوودية و شبكة مردوخ الإعلامية
على الجهة الأخرى نجد أن علماء السنة يحرمون و يجرمون كل ما له علاقة بالتجسيد و التمثيل وقد يصل الأمر إلى رمي القائم بها بالكفر البواح . ولا يزال الكثيرون يرمون شيعة العرب بالتبعية لإيران برغم أن التشيع عربي المنشأ بينما مذهب إيران صفوي بحت يعتمد على الأساطير والخزعبلات
الحقيقة هي أن إيران نجحت في اجتذاب شيعة العرب بعد لبس جبة الدين و اتخذت من شعار "يا لثارات الحسين" وحب آل البيت سلاحا لحروبها الحالية والقادمة.. الحسن و الحسين أبناء علي و فاطمة و أحفاد رسول الله (ص) و محبتهم في قلوب أهل السنة كمحبتهم في قلوب الشيعة الحقيقيين ، لكن إيران تصور لشيعة العرب أن السنة هم من ناصب آل البيت العداء بقتل الحسين عليه السلام و تتناسى أن من تخلى عنه في كربلاء هم شيعة علي "رض"
يبقى أن الحقيقة ستظل غائبة إذا بقينا نعتمد على ما تنقله لنا الروايات التي كتبها كل فريق بما يناسب أهدافه و تطلعاته . ولو أنا تركنا الروايات جانبا و تمعنّا في كتاب الله الذي يحرم دم الحي وينبذ الفرقة و الاختلاف، والحقد و الكراهية .. وارتقينا بالدين عن أطماع الواقع لأصبحنا أمة واحدة دينها الإسلام و كتابها القرآن و لن نجد ما يجعل الثأر يعيش بيننا لآلاف الأعوام فمن قتل الحسين مات ومن ثأر له مات... مات الحسين و مات يزيد ومات قبلهما الرسول (ص) وقتل الصحابة بما فيهم علي .. فلماذا يعيش ثأر الحسين بيننا حتى اليوم ليقسم الأمة؟
لماذا يعيش بيننا هذا العداء و تدوم بيننا هذه الكراهية الأبدية ؟ ألا يدرك أبناء الأمة أن ما يحاك ضدها يجعل من الأولى بها الالتئآم لا التشرذم!
ألا يدرك أبناء الطائفة الشيعية أن ما تقوم به إيران ليس تشيّعا و أن التشيع عربي المنشأ ولكن صفويي إيران يستخدمونه ويستخدمونهم لمصالحهم القومية؟
متى نشهد صحوة فكرية إسلامية تجتث العداء و الكراهية و التطرف بين طوائف هذه الأمة جميعا.
وأن تشهد الأمة العربية صحوة فكرية ترفض ما يحاك لها أو ضدها من باب الترغيب أحيانا و الترهيب أحيانا أخرى.
وأختم بما قاله الإمام الشافعي:
إن كان رفضاً حب آل محمدٍ
فليشهد الثقلان إني رافضي
وإن كان نصباً حب صحب محمدٍ
فليشهد الثقلان إني ناصبي.
الحلقة الأخيرة من مسلسل "مختار الثقفي" إنتاج جمهورية إيران
https://www.youtube.com/watch?v=4TwJKLV5mic
فواغي القاسمي
٢٠١٦/١٢/٢٥