ثمة أنين يتسلل إلى مخدع الروح و الشمس تودع حضورها ، فيسدل ضوء القمر ستائره الشفافة على ما تبقى من الساعات التي تغزل شجن القصيدة . يلوح الليل كفيه في تحية الحضور ، الحضور المكتهل بألوان الحنين و الشوق و المناجاة ، حضور الوحدة المنغمسة في خوابي الشرود ، الخاتلة في أقانيم المناجاة .
ساعات الألق المبلل بشآبيب المطر المنثال من ديوم الوجد العابرة في سكون الليل ، ذاك الحنين الساكن في صومعة التراتيل و أغنيات السمار و عيون العاشقين . حين يلتف الليل بعباءة الصمت ، يرحل بنا من هدير النهار إلى همسات النجوى و عذابات الشوق ، يسقينا لذة الحزن النصيع من أباريق نشوته .
في الحيث ، أين أكون تلتف حولى أشيائي الجميلة ، أرواح متخلقة و غير متخلقة ، في سريري ، في مقعدي الوثير ، في شرفتي الساهرة ، في كأسي و أصيص الحبق المعلق على النافذة ، في حوائط غرفتي و قناديل الحديقة ، في كل شيء كل شيء .. هذه التي لا أسميها هي جملة الصداقات الأثيرية الغير متشكلة بالناسوت أو الطين ، أراها بمرآة قلبي ، حيواة تجوس خلالي و تناجيني ، تساءلني و تساقيني ، تشاغلني و تشجيني ، تكتبني و تمحيني ، أنا و هي ، وحدنا فقط كتوأم بل هو هو ، و سميرنا الليل الحميم ..
عوالم متبدلة و مختلفة ، عوالم من خيال ساحر ، استدعاء ذكريات خامرة و أزمنة غابرة ، و أرواح حلقت منذ بعيد في البعيد و عادت تحوم بأجنحتها من جديد ، تحتلنا و تسامرنا و تستفز المكنون الخاتل في أقبية الروح ، ليتخلق المخلوق الجديد يرتدينا كحلة جديدة لصوت عتيق . حلم أخيلتنا المسكونة بالشجن و الشوق و الغربة ، يشعلها الليل كهواجس غجرية أحيانا و ، نسائم خريفية أحيانا أخر ، و في الحالتين تفترش الروح كوسادة تثوي عليها ، فتسيل القصيدة من عناقيد الليل في جرار القلب فتمتلأ بها و تفيض .
حلمك عليْ ياليل
لا تشعّل نجومكْ
يحرقني منها الضيْ
و من لي بغيرك فـَيْ
يطفي الحضب ياليل
من رمشة جفونك
قالوا العتب ع الليل
يفتح دواوينه
تقرا العذاب قلوب
وشرع الهوى مكتوب
ياللي نهاره غروب
ياحب...محرومك !
اللي يقول الليل
أصل الشقا و الويل
عتمة و عذاب و ألم
لونه مرار و عدم
يسقي الـ يحبه ندم
مجنون ويلومك
فواغي القاسمي
26 – 06 - 2011