رسالتي و اشتياقي ، إليك يا قلب الله
أمي ... أيتها الروح المحلقة في أرجائي ... المختزلة كل الحنان و كل الحب في حرفين
يا شآبيب الضوء و مقل الروح و وجه الله ،
أغنية لم يتقنها عازف بعد ، و قصيدة لم يكتبها شاعر بعد ، و لوحة لم يرسمها فنان بعد
فكيف بالله كنتِ كل ذلك في داخلي ،
أيتها المعنى المعلق على أستار القلب ، و المتكثف في بوتقة الشعور
لون المواسم و رقصة التانغو على خرير نهر العمر
تبا لكل مفرداتنا ، تصاويرنا ، مخيالنا العاجز ، محاولة اقترابنا البائسة من ظل المعنى
ليس ذلك سوى بعض زنبقة انكفأت على ذاتها حين أعجزها التفتق ،
أو عصفورة بللت أجنحتها فباتت حزينة
يا دوحة سنديان عتيقة ، لا أعرف من أي العصور بدأتِ و كيف احتملتِ و حمِلتِ و حلُمتِ وحُمّلتِ
لا أعرف عمرَ زمن الحب و العطاء الذي احتواه قلبك
لا أعرف عمر زمن آثامي و خطاياي و أخطائي التي عبأتها في ذاكرتك
لا أعرف عمر وجودي و انتهائي ، يأسي و رجائي ، حزني وفرحي ،
ضياعي و رجوعي ، قربي و بعدي ،
لا أعرف ، لا أعرف .. فقط بك ألمس بعض هذا الشعور في حضنك الدفيء
يا كل المعنى و كل العمر
أستجمع نثاري المكتنز بالذكريات ،
أطوف به حول كعبة قلبك البيضاء ، فتغفرين ما تقدم من ذنبه و ما تأخر
و أعود لأمارس النكوص و الطفولة من جديد فتغفرين و تغفرين
حين كنت أتلصص عليك في ليالي الشتاء الباردة المعتمة
أجدك تتحدثين و تناجين و تبتسمين و تحمدين
لم أدرك حين كنت طفلة من كان سميرك في تلك الليالي القديمة الطويلة
وحين كبرت ، عرفت أن زائرك الدائم هي روح لا نراها بل نبصرها ،
أدركت أنك في حضرة الواجد و كنا نحن محورك حديثك الشيق معه ،
يا إلهي ... أية نيرفانا كانت تطير بك إلى سماء سلام روحك حينها!
أشتاقك اليوم كثيرا يا أمي ، أشتاقك حد الألم ..
أشتاق لوسادتي التي عبأتها بالذكريات في بيتنا القديم ..
أشتاق لشجرتك التي حفِظتْ قصصك التي كنت ترويها علينا ، فأصبحت تعيدها ...
أشتاق لياسمينتك التي كنت تسقينها بيدك المباركة و تقطفين لنا منها العبير و هي تبتسم لك كل مساء ...
أشتاق للمطر في فناء منزلنا و نحن نرمي به قواربنا الورقية التي تصنعينها لنا و نتسابق ...
أشتاق للشجار البريء بيننا حين تحاولين ترضية الجميع ...
أشتاق أن أحضنك في هذه اللحظة فأستعيد ما مضى ولو لحظة .
أشتاقك و اشتاقك و أشتاقك .... و سأبقى كذلك حتى و حين أنام في حضنك .
أمي ، يا نور الله ، يا وجه الله ، يا جملة أشياء أتقن جمال صنعها الله ، ليحفظك لنا الله.