مالطا تلك الجزيرة الصغيرة التائهة في البحر الأبيض المتوسط . ربما ارتبط إسمها بـ "فرسان مالطا" قد يكون الكثير منكم هنا يعرف من هم فرسان مالطا ، سأجزئ الحديث حولهم على عدة صور هنا. تأسس هذا التنظيم بإسم فرسان الهيكل قبل ما يقارب ٩٠٠عام في فلسطين عام ١٠٩٧ على يد الإيطاليين وكانوا يقدمون خدمات صحية واجتماعية لأهالي بيت المقدس و حين دارت رحى الحروب الصليبية انضم أعضاء هذا التنظيم للقتال ضد المسلمين . في مارس ١٥٣٠منحهم الملك شارل الخامس جزيرة مالطا الحالية وبعض المناطق القريبة من ليبيا و عرفوا حينها بإسم فرسان مالطا
بنى فرسان مالطا جدران مزدوجة حول المدن التي استوطنوها وتعرف حاليا بالمدن الثلاث من بينها ڤاليتا العاصمة المالطية الحالية ، يبلغ سمك الجدران ٣م ولها بوابات وقلاع حصينة واستطاع فرسان مالطا الحد من تقدم الفتح العثماني و إفشال حملات سليمان القانوني في الإستيلاء عليها عدا واحدة بعد حصار دام ٣ أشهر لكنهم استطاعوت في العام ١٥١٧ من تدمير البحرية العثمانية حيث انسحبت بعدها . في العام ١٧٩٨ غزا نابليون بونابرت مالطا وطرد الفرسان منها حيث لجأوا إلى بعض مناطق فرنسا و إيطاليا بعد أن صودرت جميع ممتلكاتهم . في العام ١٨٩٢ أعيدت لهم بعض الحقوق السيادية لكن كان من الصعب عودتهم إلى مالطا فاستقر بهم المقام في روما عام ١٨٣٤
كوّن فرسان مالطا دولة إعتبارية في روما لها تمثيل في مجلس الأمن و سفراء في أكثر من ٩٨ دولة بينها دول إسلامية و ٩ دول عربية لها حكومة تعرف بإسم "سموم" ولها عملة تعرف بـ سكودو و جوازات سفر يحكمها رئيس مدى الحياة ومجلس مكون من٦ مسئولين دينيين يعاونهم ٦ مساعدين و٤٧ جمعية وطنية موزعة على ٥ قارات ولكنها في الواقع دولة دون أرض أو شعب
يعرف عن فرسان مالطا حقدهم الشديد على الإسلام وارتباطهم بالمنظمات الإرهابية العنصرية كالمرتزقة الذين استعان بهم بوش في حربه علي العراق و شركة بلاك ووتر المشبوهة التي ارتكبت جرائم وحشية في العراق إبان الاحتلال الأمريكي – وفي ثورة ٢٥ يناير بمصر شوهدت سيارات سوداء تحمل أرقام هيئة سياسية تقوم بدهس المتظاهرين واتهمت بها السفارة الأمريكية التي نفت الخبر فيما تبين لاحقا أنها تتبع سفارة فرسان مالطا التي تقع في شارع هدى شعراوي. المثير في الأمر أن بيريز هو من أقنع حسني مبارك عام ٢٠٠٨ بالقبول بإنشاء سفارة لفرسان مالطا بالقاهرة بينما لا توجد لهم سفارة في إسرائيل!
يقول وزير خارجية فرسان مالطا مازيري، أنه بفضل العلاقات الديبلوماسية الثنائية والمتعددة الأطراف، فإن فرسان مالطا يمكنهم الوصول مباشرة إلى الحكومات المختلفة والتأثير فيها
جدير بالذكر أن تنظيم ( كو كلوكس كلان ) السري في أمريكا هو أحد أنشطة فرسان مالطا وينظم إليه العديد من الرؤساء الأمريكيين كبوش الأب و الإبن وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق و روكفلر إمبراطور المال وإريك برينس زعيم مرتزقة بلاك ووتر والرئيس الفرنسي السابق ديستان و غيرهم الكثير. الملاحظ عليهم جميعا حقدهم الشديد على الإسلام
المعابد في مالطا موغلة في القدم حيث سبق بناؤها بناء الأهرامات بألف عام
معبد حجر قم في جزيرة ڤاليتا أحد هذه العابد القديمة تدهشك طريقة قص الحجارة و تجويفها وتفريغها و يبلغ ارتفاع بعضها عدة أمتار- للمعبد عدة مداخل يطل أحدها على البحر وبه فتحات لاستقطاب الشمس و انعكاسها لتضيء المعبد من الداخل طوال ساعات النهار و تستقطب ضوء القمر في الليل لنفس الغاية
معبد غانتيجا في جزيرة غوزو أيضا من المعابد الأثرية القديمة يعود تاريخ بنائه إلى ٣٦٠٠ عام قبل الميلاد ويتميز بحجارته الضخمة وبنائه الفريد الذي يبدو على شكل أقواس متقابلة تشكل ما يشبه الزهرة وتوجد ثقوب بجدرانه وزعت بشكل هندسي دقيق كي تسمح بمرور أشعة الشمس نهارا و القمر ليلا و تنعكس على جميع الجدران فتضيئها
المدينة – وهي أجمل بقعة في مالطا ، بنيت على تلة مرتفعة تشاهد منها البحر و الأرض و البلاد – ولو كنت تملك عيني زرقاء اليمامة لاستطعت رؤية سواحل ليبيا أو جزيرة صقلية :)
تمتاز المدينة بأزقتها الضيقة حتى لا تكاد البيوت تحفظ أسرار ساكينيها- أثناء تجوالنا في أحد هذه الأزقة سمعنا شجارا بين امرأتين يخرج من أحد البيوت و حتى أن انتهينا إلى نهاية الطريق كان الصوت لا يزال يصل إلى مسامعنا :)
الأبواب في هذه الأزقة لا تعني أنها جميعا أبواب منازل فقد يكون أحدها بابا لدكان لحّام و آخر لبقالة و بجاوره منزل آخر ثم محل بيع لوازم المنزل و آخر صيدلية و هكذا ، تمتزج البيوت و المحلات بشكل انسيابي حميمي جميل
هذه البوابات الصغيرة القصيرة التي تنتصب أمام باب المنزل شائعة جدا ، ويخبرنا الدليل السياحي بأن هناك اعتقادا بأنها تمنع دخول الأرواح الشريرة إلى المكان :)
الكنائس تنتشر بشكل كبير في أنحاء مالطا فهي مركز كل حي مهما كان حجمه و تلتف حولها المنازل
يتحدث سكان مالطا اللغة المالطية و هي تشبه إلى حد كبير اللغة العربية بل أن أغلب مفرداتها عربية و تختلط بها بعض المفردات القليلة الانجليزية و الإيطالية . ينطقون القاف بالهمزة و الجيم كالمصرية – يبلغ تعداد سكان مالطا ٤٥٠ ألفا فقط و ٣٠ ألف عمالة وافدة وهي بلد تنهض اقتصاديا بشكل متسارع و تعتبر جنة الضرائب بالنسبة لأوربا حيث تنخفض بها نسبة الضرائب إلى حد كبير مقارنة بباقي دول الاتحاد الأوروبي. اقتصادها ثابت و قوي ويستقطب الكثير من رؤوس الأموال و الشركات ولم تتأثر بالأزمة المالية التي ضربت العالم أجمع في العام ٢٠٠٨
في غوزو – لا بد من رحلة بحرية تحت نافذة الآزور كما يسمونها فهناك المياه الصافية التي ترى من خلالها هذه الألوان المدهشة من الشعاب المرجانية
الدخول تحت هذه الكهوف المائية تمنحك نوعا من الذهول الجميل و بعضا من الغيبوبة في حرم الجمال – و الأجمل حين تكون الرحلة مسائية و الشمس تلوذ بالغياب مرسلة أشعتها الحالمة كي تنعكس على صفحة الماء الرقراقة.
المالطيون يتميزون بالطيبة و التواضع ومتعاونون جدا والجميع يعيش بمستوى اجتماعي جيد . البلد آمنة لدرجة أن مستوى الجريمة يكاد يلامس الصفر. ترأس البلد الآن سيدة بمنصب شرفي بينما يدير الحكومة رئيس الوزراء.
ڤاليتا العاصمة مدينة جميلة وقديمة تشبه المدينة بأزقتها الضيقة ومحلاتها المتناثرة هنا و هناك و توجد بها المؤسسات الحكومية و كتدرائية تعتبر الثانية في الحجم على مستوى أوروبا
سليمة منطقة بحرية وتجارية وقد تكون المنطقة السياحية الأولى و الأهم في مالطا التي تضج بالسياح الإنجليز بشكل كبير – لا توجد أسواق تجارية ضخمة كما في أوروبا ، يوجد مركز تجاري وحيد في تينيا بوينت بسليمة لكن تبقى أسماء الماركات من الدرجة الثانية – إنها بلد في طور النمو و الانفتاح ومشجعة جدا للاستثمار الأجنبي ولا توجد بها صناعات كثيرة فهي تعتمد بشكل أساسي على الاستيراد